للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بأُمِّه. ولَنا، أَنَّ مَنْ سَقَطَ حقُّه باللِّعانِ، كان ذِكْرُه شَرْطًا، كالمرأةِ، ولأنَّ غايةَ ما فى اللِّعانِ أَن يُثْبِتَ زِناهَا، وذلك لا يُوجِبُ نَفْىَ الولدِ، كما لو أقَرّت به، أو قامتْ به بَيِّنةً، فأمَّا حديثُ سهل بن سعدٍ، فقد رُوِىَ فيه: وكانت حامِلًا، فأنْكَرَ حَمْلَها. من روايةِ البُخارِىِّ (١٥). ورُوِىَ عن (١٦) ابن عمرَ، أَنَّ رَجُلًا لَاعَنَ امرأتَه فى زمنِ رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وانْتَفَى من وَلَدِها، ففرَّقَ رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بينهما، وألْحَقَ الولدَ بالمرأةِ (١٧). والزيادةُ من الثِّقةِ مَقْبُولة. فعلى هذا، لابُدَّ من ذِكْرِ الولدِ فى كلّ لَفْظةٍ، ومع اللَّعْنِ فى الخامسةِ؛ لأنَّها من لَفَظاتِ اللِّعانِ. وذكَر الْخِرَقِىُّ شَرْطًا خامسًا، وهو تَفْرِيقُ الحاكمِ بينهما. وهذا على الرِّوايةِ التى تَشْتَرِطُ تَفْرِيقَ الحاكمِ لوُقوعِ الفُرْقَةِ، فأمَّا على الرِّوايةِ الأُخْرَى، فلا يُشْتَرَطُ تَفْريقُ الحاكمِ لنَفْىِ الولدِ، كما لا يُشْتَرَطُ لدَرْءِ الحَدِّ عنه، ولا لفَسْخِ النِّكاحِ. وشَرَطَ أيضًا شَرْطًا سادِسًا، وهو أَن يكونَ قد قَذَفَها. وهذا شَرْطُ اللِّعانِ (١٨)، فإنَّه لا يكونُ إلَّا بعدَ القَذْفِ، وسنَذْكُرُه إن شاء اللَّهُ تعالى.

فصل: وإن وَلَدتِ امرأتُه تَوْأَمَيْنِ، وهو أَن يكونَ بينهما دون سِتَّةِ أشْهُرٍ. فاسَتَلْحَقَ (١٩) أحَدَهما، ونَفَى الآخرَ، لَحِقَا به؛ لأنَّ الحَمْلَ الواحدَ لا يجوزُ أَن يكونَ بعضُه منه وبعضُه من غيرِه، فإذا ثَبَتَ نَسَبُ أحَدِهما منه، ثَبَتَ نسبُ الآخَرِ ضَرُورةً، فجعلْنا ما نَفَاه تابِعًا لما اسْتَلْحَقَه، ولم نَجْعَلْ ما أقَرَّ به تابِعًا لما نَفَاه؛ لأنَّ النَّسَبَ يُحْتاطُ لإثْباتِه لا لِنَفْيِه، ولهذا لو أتَتْ امرأتُه بولدٍ يُمْكِنُ كونُه منه، ويُمْكِنُ أَن يكونَ من غيرِه، ألْحَقْناه به احْتِياطًا، ولم نَقْطَعْه عنه احْتِياطًا لِنَفْيِه. فإن كان قد قَذَفَ أُمَّهما وطَالَبَتْه بالحَدِّ، فله إسْقاطُه باللِّعانِ. وحُكِىَ عن القاضى، أنَّه يُحَدُّ، ولا يَمْلِكُ إسْقاطَه


(١٥) فى: باب التلاعن فى المسجد، من كتاب الطلاق. صحيح البخارى ٧/ ٦٩.
(١٦) سقط من: الأصل.
(١٧) هو الذى تقدم تخريجه فى: ٨/ ٣٧٣.
(١٨) فى الأصل: "للعان".
(١٩) فى م: "فاستحق".

<<  <  ج: ص:  >  >>