للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصِّفَاتِ كلها، فيَجِبُ الاكْتِفَاءُ بالأوْصافِ الظَّاهِرَةِ التي يَخْتَلِفُ الثَّمَنُ بها ظاهِرًا. ولو اسْتَقْصَى الصِّفَاتِ حتى انْتَهَى إلى حال يَنْدُرُ وُجُودُ المُسْلَم فيه بِتِلْكَ الأَوْصَافِ، بَطَلَ السَّلَمُ؛ لأنَّ مِن شَرْطِ السَّلَمِ أن يكونَ المُسْلَمُ فيه عَامَّ الوُجُودِ عندَ المَحلِّ، واسْتِقْصَاءُ الصِّفَاتِ يَمْنَعُ منه. ولو شَرَطَ الأَجْوَدَ، لم يَصِحَّ أيضًا؛ لأنه لا يَقْدِرُ على الأَجْوَدِ. وإن قَدَرَ عليه كان نَادرًا. وإن شَرَطَ الأَرْدَأَ احْتَمَلَ أنْ لا يَصِحَّ لذلك (٢٥)، واحْتَمَلَ أن يَصِحَّ؛ لأنَّه (٢٦) يَقْدِرُ على تَسْلِيمِ ما هو خَيْرٌ منه، فإنَّه لا يُسْلِّمُ شيئًا إلَّا كان خَيْرًا ممَّا شَرَطَهُ، فلا يَعْجِزُ إذًا عن تَسْلِيمِ ما يَجِبُ قَبُولُه، بخِلَافِ التي قَبْلَها. ولو أَسْلَمَ في جارِيَةٍ وابْنَتِها، لم يَصِحَّ؛ لأنَّه لا بُدَّ أن يَضْبِطَ كلَّ واحِدَةٍ منهما بِصِفَاتٍ، ويَتَعَذَّرُ وُجُودُ تلك الصِّفَاتِ في جارِيَةٍ وابْنَتِها. وكذلك إن أَسْلَمَ في جَارِيَةٍ وأُخْتِها أو عَمَّتِها أو خَالَتِها أو ابْنَةِ عَمِّها؛ لما ذَكَرْنَا. ولو أَسْلَمَ في ثَوْبٍ على صِفَةِ خِرْقَةٍ أَحْضَرَهَا، لم يَجُزْ؛ لِجَوَازِ أن تَهْلِكَ الخِرْقَةُ، وهذا غَرَرٌ، ولا حَاجَةَ إليه، فمَنَعَ الصِّحَّةَ، كما لو شَرَطَ مِكْيَالًا بِعَيْنِه، أو صَنْجَةً بِعَيْنِها.

فصل: والجِنْسُ، والجَوْدَةُ، أو ما يَقُومُ مقَامَهَا، شَرْطَانِ في كلِّ مُسْلَمٍ فيه، فلا حَاجَةَ إلى تَكْرِيرِ ذِكْرِهما في كل مُسْلَمٍ فيه، ويذْكُرُ ما سِوَاهُما، فيَصِفُ التَّمْرَ بأَرْبَعَةِ أوْصَافٍ؛ النَّوْعِ، بَرْنِيٍّ أو مَعْقلِيٍّ، والبَلَدِ، إن كان يَخْتَلِفُ، فيقول: بَغْدَادِىٌّ، أو بَصْرِىٌّ؛ فإنَّ البَغْدَادِيَّ أحْلَى وأقَلُّ بَقَاءً لِعُذُوبَةِ الماءِ، والبَصْرِيُّ بخِلَافِ ذلك. والقَدْرِ، كِبَارٌ أو صِغَارٌ، وحَديثٌ أو عَتِيقٌ. فإن أَطْلَقَ العَتِيقَ، فأىَّ عَتِيقٍ أَعْطَى جَازَ، ما لم يكن مُسَوّسًا ولا حَشَفًا ولا مُتَغَيِّرًا. وإن قال: عَتِيقُ عَامٍ أو عَامَيْنِ. فهو على ما قال. فأمَّا اللَّوْنُ، فإنْ كان النَّوْعُ الواحِدُ مُخْتَلِفًا،


(٢٥) في م: "ذلك".
(٢٦) في الأصل، م زيادة: "لا".

<<  <  ج: ص:  >  >>