للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابنِ عباسٍ، قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مَنْ وَقَعَ عَلَى ذَاتِ مَحْرَمٍ، فاقْتُلُوه" (١٦). ورُفِعَ إلى الحجَّاجِ رجلٌ اغتصبَ أُخْتَه على نفسِها، فقال: احْبِسُوه، وسَلُوا مَنْ ههُنا من أصْحابِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-. فسَأَلُوا عبدَ اللَّه بنَ أبي مُطَرِّفٍ، فقال: سمعتُ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "مَنْ تَخَطَّى الْمُؤْمِنِينَ، فَخُطُّوا وَسَطَهُ بِالسَّيْفِ" (١٧). وهذه الأحادِيثُ أخَصُّ ممَّا وردَ في الزِّنَى، فتُقدَّمُ. والقولُ في من زَنَى بذاتِ مَحْرَمِه من غيرِ عَقْدٍ، كالقولِ في مَن وَطِئَها بعدَ العَقْدِ.

فصل: وكلُّ نكاحٍ أُجْمِعَ على بُطْلَانِه، كنكاحِ خامسةٍ، أو مُتزوِّجَةٍ، أو مُعْتدَّةٍ، أو نكاحِ المُطَلَّقَةِ ثلاثًا، إذا وَطِئَ فيه عالمًا بالتَّحْرِيمِ، فهو زِنًى، مُوجِبٌ للحَدِّ المشْروعِ فيه قَبل العَقْدِ. وبه قال الشافعيُّ. وقال أبو حنيفةَ، وصاحِباه: لا حَدَّ فيه؛ لما ذكرُوه في الفصلِ الذي قبلَ هذا. وقال النَّخَعِيُّ: يُجْلَدُ مِائَةً، ولا يُنْفَى. ولَنا، ما ذكرْنَاه فيما مضَى، وروَى أبو نَصْرٍ الْمَرُّوذِىُّ، بإسْنادِه عن عُبَيْدِ بنِ نُضَيْلةَ، قال: رُفِعَ إلى عمرَ بنِ الخطَّابِ امرأةٌ تزوَّجَتْ في عِدَّتِها، فقال: هل عَلِمْتُمَا؟ فقالا: لا. قال: لو عَلِمْتُما لَرَجَمْتُكمَا. فجلَدَهما (١٨) أسْواطًا، ثم فرَّقَ بينهمَا (١٩). وروَى أبو بكرٍ، بإسْنادِه عن خِلَاسٍ، قال: رُفِعَ إلى عليٍّ، عليه السَّلامُ، امرأةٌ تَزَوَّجَتْ ولها زَوْجٌ كتمَتْه، فرجَمَها، وجلَدَ زوجَها الآخَرَ مائَةَ جَلْدَةِ. فإن لم يَعْلَمْ تَحْرِيمَ ذلك، فلا حَدَّ عليه، لِعُذْرِ الجَهْلِ، ولذلك درأَ عمرُ عنهما الحَدَّ؛ لجَهْلِهما.

فصل: ولا يجبُ الحَدُّ بالوَطْءِ في نِكاحٍ مُخْتَلَفٍ فيه، كنِكاحِ المُتْعَةِ، والشِّغَارِ، والتَّحْلِيلِ، والنِّكاحِ بلا وَلِىٍّ ولا شُهودٍ، ونكاحِ الأُخْتِ في عِدَّةِ أُخْتِها البائنِ، ونكاحِ


(١٦) أخرجه ابن ماجه، في: باب من أتى ذات عرم ومن أتى بهيمة، من كتاب الحدود. سنن ابن ماجه ٢/ ٨٥٦.
كما أخرجه الترمذي، في: باب ما جاء في من يقول لآخر: يا مخنث، من أبواب الحدود. عارضة الأحوذي ٦/ ٢٤٩. والإِمام أحمد، في المسند ١/ ٣٠٠.
(١٧) أورده ابن حجر في الإِصابة، في: ترجمة عبد اللَّه ابن أبي مطرف. الإصابة ٤/ ٢٣٨. وعزاه السيوطي في الجامع الصغير إلى الحاكم وأحمد، ولم نجده عندهما.
(١٨) في النسخ: "فجلده".
(١٩) تقدم تخريجه، في: ١١/ ٢٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>