للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو امرأةً. وبهذا قال عَطاءٌ، والحسنُ، والشَّافِعِىُّ، وإسحاقُ، وأصْحابُ الرَّأْىِ. وقال عمرُ بنُ عبدِ العزِيز، ومالِكٌ، وأبو ثَوْرٍ، وابنُ المُنْذِرِ: عليه الحَدُّ؛ لعُمومِ الآيةِ، ولأنَّه حَدٌّ، فلا تَمْنَعُ من وُجوبِه قرابةُ الولادَةِ، كالزِّنَى. ولَنا، أنَّه عُقوبةٌ تجبُ حقًّا لآدَمِىٍّ، فلا يجبُ للوَلدِ على الوالدِ، كالقِصاصِ، أو نقولُ: إنَّه حَقٌّ لا يُسْتَوْفَى إلَّا بالمُطالَبَةِ باسْتيفائِه، فأشْبَهَ القِصاصَ. ولأنَّ الحَدَّ يُدْرأُ بالشُّبُهاتِ، فلا يجبُ للابنِ على أبيه كالقِصاصِ، ولأنَّ الأُبُوَّةَ معنًى يُسْقِطُ إلقِصاصَ، فمَنَعَتِ الحَدَّ، كالرِّقِّ والكُفْرِ، وهذا يَخُصُّ عُمومَ الآيةِ. وما ذكرُوه ينْتَقِضُ بالسَّرِقةِ، فإنَّ الأبَ لا يُقْطَعُ بسَرِقَةِ مالِ ابنِه، والفرقُ بينَ القَذْفِ والزِّنَى، أن حَدَّ الزِّنَى خالِصٌ لحَقِّ اللهِ تعالى، لا حَقَ للآدَمِىِّ فيه، وحَدَّ القَذْفِ حَقٌّ لآدَمِىٍّ، فلا يثبتُ للابنِ على أبيه، كالقِصَاصِ، وعلى أنَّه لو زَنَى بجاريةِ ابنِه، لم يَجِبْ عليه حَدٌّ. إذا ثَبَتَ هذا، فإنَّه لو قَذَفَ أُمَّ ابنِه، وهى أجْنَبِيَّةٌ منه، فماتَتْ قبلَ اسْتيفائِه، لم يكُنْ لابنِه المُطالبةُ بالحدِّ؛ لأنَّ ما مَنَعَ ثُبوتَه ابْتداءً، أسْقَطَه طارئًا، كالقِصاصِ. وإن كان لها ابنٌ آخرُ من غيرِه، كان له اسْتيفاؤُه إذا ماتَتْ بعد المُطالبةِ به؛ لأنَّ الحدَّ يَمْلِكُ بعضَ الورثةِ اسْتيفاءَه كلَّه، بخلافِ القِصاصِ، وأمَّا قَذْفُ سائرِ الأقاربِ، فيوُجبُ الحَدَّ على القاذفِ، في قَوْلِهم جميعًا.

١٥٦٨ - مسألة؛ قال: (وَإذَا قَالَ لَهُ (١): يا لُوطِىُّ. سُئِلَ عَمَّا أرَادَ، فَإنْ قَالَ: أَرَدْتُ أنَّكَ مِنْ قَوْمِ لُوطٍ. فَلَا شَىْءَ عَلَيْهِ، وإنْ قَالَ: أرَدْتُ أنَّكَ تَعْمَلُ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ. فَهُوَ كَمَنْ قَذَفَ بالزِّنَى)

في هذه المسألة فَصْلان:

أحدهما: أنَّ مَن قذَف رجلًا بعَمَلِ قومِ لُوطٍ، إمَّا فاعلًا وإمَّا مَفْعولًا، فعليه حَدُّ القَذْفِ. وبه قال الحسنُ، والشَّافِعِىُّ (١)، والنَّخَعِىُّ، والزُّهْرِيُّ، ومالِكٌ، وأبو يوسفَ،


(١) سقط من: الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>