للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من وَطْئِها، والمنعُ ههُنا من قِبَلِها. وإِنْ وُجِدَ (١٧) شىءٌ مِن هذه الأسْبابِ، اسْتُؤْنِفَتِ المُدَّةُ، ولم يَبْنِ على ما مَضَى؛ لِأنَّ قولَه سُبْحانَه: {تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ} يَقْتضِى مُتَوالِيةً. فإذا قَطَعَتْها، وَجَبَ استِئْنافُها، كمُدّة الشَهْرَيْن (١٨) فى صَوْمِ الكفَّارةِ. وإِنْ حَنِثَ (١٩) وهَرَبَتْ من يَدِه، انْقَطَعَتِ المُدَّةُ. وإِنْ بَقِيَتْ فى يدِه وأمْكَنَه وَطْؤُها، احتُسِبَ عليه بها (٢٠). فإن قيل: فهذه الأسْبابُ منها ما لا صُنْعَ لها فيه، فلا يَنْبَغِى أن تُقطَعَ المُدَّة، كالحَيْضِ. قُلْنا: إذا كان المَنْعُ لمعنًى فيها، فلا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِه بفِعْلِها، أو بغيرِ فِعْلِها. كما أَنَّ البائِعَ إذا تعذَّرَ عليه تَسْليمُ المَعْقودِ عليه، لم يَتَوَجَّهْ له المُطالبةُ بِعِوَضِه، سواءٌ كان لعُذْرٍ أو غيرِ عُذْرٍ. وإن آلَى فى الرِّدَّةِ، لم تُضْرَبْ له المُدَّةُ إلَّا من حين رُجوعِ المُرْتَدِّ منهما إلى الإِسْلامِ. وإِنْ طَرَأت الرِّدَّةُ فى أثناءِ المُدَّةِ، انْقَطَعْت؛ لِأنَّ النِّكاحَ قد تَشَعَّثَ وحَرُمَ الوَطْءُ، فإذا عاد إلى الإِسْلامِ، استُؤْنِفَت المدَّةُ، سواءٌ كانت الرِّدَّةُ منهما أو مِن أحدِهما. وكذلك إنْ أسلمَ أحَدُ الزوجَيْن الكافِرَيْنِ، أو خالعَها، ثم تَزَوَّجَها. واللَّهُ أعلمُ.

فصل: وإذا انْقَضتِ المُدَّةُ، فلها المُطالبةُ بالفَيْئَةِ إن لم يكُنْ عُذْرٌ. فإنْ طالبتْه، فطَلَبَ الإِمْهالَ، فإنْ لم يكُنْ له عُذْرٌ، لم يُمْهَلْ؛ لِأنَّه حقٌّ تَوَجَّهَ عليه، لا عُذْرَ له فيه، فلم يُمْهَلْ به، كالدَّيْنِ الحالِّ، ولأنَّ اللَّهَ تعالى جَعَلَ المُدَّة أربعةَ أشهرٍ، فلا تجوزُ الزِّيادَةُ عليها بغيرِ عذرٍ، وإِنَّما يُؤَخَّرُ قَدْرَ ما يَتَمَكَّنُ مِنَ (٢١) الجِماعِ فى حُكْمِ العادَةِ؛ فإنه لا يَلْزَمُه الوَطْءُ فى مَجْلِسِه، وليس ذلك بإمْهالٍ. فإنْ قال: أمْهِلونِى حتَّى آكُلَ فإنِّى جائِعٌ، أو حتى (٢٢) يَنْهَضِمَ الطَّعامُ فإنِّى كَظِيظٌ (٢٣). أو أصَلِّىَ الفَرْضَ، أو أُفْطِرَ من


(١٧) فى الأصل: "حدث".
(١٨) فى ب، م: "شهرين".
(١٩) فى أ، ب، م: "حنثت".
(٢٠) فى الأصل: "به".
(٢١) فى م: "مع".
(٢٢) سقط من: الأصل، ب، م.
(٢٣) الكظيظ: الممتلئ بالطعام حتى لا يطيق النفس.

<<  <  ج: ص:  >  >>