للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لذلك, ويُشَارِكُهُ الأَولُ في شُفْعَتِه؛ لأنَّ مِلْكَه سابِقٌ لِشِرَاءِ الثاني، فهو شَرِيكٌ حالَ شِرَائِه. ويَحْتَمِلُ أن لا يُشَارِكَه؛ لأنَّ مِلْكَه حالَ شِرَاءِ الثاني يَسْتَحِقُّ أخْذَه بالشُّفْعَةِ، فلا يكونُ سَبَبًا في اسْتِحْقَاقِها. وإن أخَذَ من الثالثِ، وعَفَا عن الأَوَّلَيْنِ، ففى مُشَارَكَتِهِما له وَجْهانِ. وإن أخَذَ من الثَّلَاثةِ، ففيه وَجْهانِ؛ أحَدهما، أنَّه لا يُشَارِكُه أحدٌ منهم؛ لأنَّ أمْلَاكَهُم قد اسْتَحَقَّها بالشُّفْعةِ، فلا يَسْتَحِقُّ عليه بها شُفْعةً. والثاني، يُشَارِكُه الثاني في شُفْعةِ الثالثِ. وهذا قولُ أبى حنيفةَ، وبعضِ أصْحابِ الشّافِعِىِّ؛ لأنَّه كان مالِكًا مِلْكًا صَحِيحًا حالَ شِرَاءِ الثالثِ، ولذلك اسْتَحَقَّ مُشَارَكَتَه إذا عَفَا عن شُفْعَتِه، فكذلك إذا لم يَعْفُ؛ لأنَّه إنَّما اسْتَحَقَّ الشُّفْعةَ بالمِلْكِ الذي صارَ به شَرِيكا، لا بالعَفْوِ عنه، ولذلك قُلْنا في الشَّفِيعِ إذا لم يَعْلَمْ بالشُّفْعةِ حتى باعَ نَصِيبَه: فله أخذُ نَصِيبِ المُشْتَرِى الأَول، وللمُشْتَرِى الأَول أخذُ نَصِيبِ المُشْتَرِى الثاني. وعلى هذا يُشَارِكُه الأولُ في شُفْعةِ الثاني والثالثِ جَمِيعًا. فعلى هذا إذا كانتْ دارٌ بين اثْنَيْنِ نِصْفَيْنِ، فباعَ أحَدُهُما نَصِيبَه لِثَلَاثةٍ، في (١٩) ثَلَاثةِ عُقُودٍ، في كلِّ عَقْدٍ سُدُسًا، فللشَّفِيعِ السُّدُسُ الأوَّلُ وثَلَاثَةُ أرْباعِ الثاني وثَلَاثةُ أخْماسِ الثالثِ، ولِلمُشْتَرِى الأوَّلِ رُبْعُ السُّدُسِ الثاني وخُمْسُ الثالثِ، وللمُشْتَرِى الثاني خُمْسُ الثالثِ فتَصِحُّ المَسْألةُ من مائةٍ وعِشْرِينَ سَهْمًا، لِلشَّفِيعِ الأولِ مائةٌ وسَبْعَةُ أسْهُمٍ، وللثاني تِسْعةٌ، وللثالثِ أرْبَعةٌ. وإن قُلْنا: إنَّ الشُّفْعةَ على عَدَدِ الرُّءُوسِ. فلِلمُشْتَرِى الأَوَّلِ نِصْفُ السُّدُسِ الثاني وثُلُثُ الثالثِ، وللثاني ثُلُثُ الثالثِ وهو نِصْفُ التُّسْعِ، فتَصِحُّ من سِتَّة وثَلَاثِينَ، لِلشَّفِيعِ تِسْعةٌ وعِشْرُونَ، وللثاني خَمْسَةٌ، وللثالث سَهْمان.

فصل: دارٌ بين أَرْبَعةٍ أرْباعًا، باعَ ثلاثةٌ منهم في عُقُودٍ مُتَفَرِّقَةٍ، ولم يَعْلَمْ شَرِيكُهُم،


(١٩) في ب: "من".

<<  <  ج: ص:  >  >>