للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: إذا اجْتَمع ماءٌ مُستعمَلٌ إلى قُلَّتَيْنِ غيرِ مُسْتعمَلٍ صار الكلُّ طَهُورًا؛ لأنه لو كان المستعمَل نَجِسًا لصار (٢٤) الكلُّ طَهورًا، فالمستعمَل أَوْلَى.

وإن انْضَمَّ إلى ما دون القُلَّتَيْن وكثُرَ المسْتعمَل ولم يبلُغْ قُلَّتيْن منع، وإن بلَغ قُلّتَيْن باجتماعِه فكذلك، ويحْتَملُ أن يزولَ المنْعُ؛ لقَوْلِ النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذَا بَلَغَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لمْ يَحْمِلِ الْخَبَث (٢٥) ".

وإن انْضَمَّ مُستعمَلٌ إلى مستعمَلٍ ولم يبلُغِ القُلَّتَين فهو باقٍ على المَنْع، وإن بلَغ قُلَّتَيْن ففيه وجهان؛ لما ذكرْناه.

٤ - مسألة: قال: (وَإذَا كَانَ الْمَاءُ قُلَّتَيْن، وَهُوَ خَمْسُ قِرَبٍ، فَوَقَعَتْ فِيهِ نجَاسَةٌ فَلَمْ يُوجَدْ لَهَا طَعْمٌ وَلَا لَوْنٌ وَلَا رَائحَةٌ، فَهُوَ طَاهِرٌ).

والقُلَّةُ: هي الْجَرَّة، سُمِّيتْ قلة لأنها تُقَلُّ بالأيدى، أي (١) تُحْمَلُ، ومنه قولُه تعالى: {حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالًا} (٢)، ويقَع هذا الاسمُ علَى الكبيرةِ والصغيرة، والمراد بها ها هنا قُلَّتان من قِلالِ هَجَرَ (٣)، وهما خمسُ قِرَبٍ، كلُّ قِرْبةٍ مائةُ رِطْلٍ بالعِرَاقيِّ، فتكون القُلَّتان خَمْسَمائة رطْلٍ بالعِرَاقيِّ.

هذا ظاهرُ المذهبِ عند أصحابِنا، وهو مذهبُ الشافعىِّ؛ لأنه رُوِىَ عن ابن


(٢٤) في م: "لكان".
(٢٥) أخرجه أبو داود، في: باب ما ينجس من الماء، من كتاب الطهارة. سنن أبي داود ١/ ١٥. والترمذي، في: باب من أن الماء لا ينجسه شيء من أبواب الطهارة. عارضة الأحوذى ١/ ٨٥. والنسائي، في: باب التوقيت في الماء، من كتاب الطهارة، ومن كتاب المياه. المجتبى ١/ ٤٢، ١٤٢. وابن ماجه، في: باب مقدار الماء الذي لاينجس، من كتاب الطهارة. سنن ابن ماجه ١/ ١٧٢. والإمام أحمد، في المسند ٢/ ١٢، ٣٨. وهو عند ابن ماجه والإمام أحمد في المسند ٢/ ٢٣، ٢٧، ١٠٧: "إذا كان الماء قلتين لم ينجسه شيء".
(١) في م: "أو" تحريف.
(٢) سورة الأعراف ٥٧.
(٣) هجر: مدينة، وهى قاعدة البحرين، وقال أبو الحسن الماوردى: الذي جاء في الحديث ذكر القلال الهجرية، قيل: إنها كانت تجلب من هجر إلى المدينة، ثم انقطع ذلك فعدمت. وقيل: هجر قرية قرب المدينة، وقيل: بل عملت بالمدينة كل مثل قلال هجر. معجم البلدان ٤/ ٩٥٣. وذكر ياقوت مواضع أخرى سميت بهجر.

<<  <  ج: ص:  >  >>