للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٠٨٨ - مسألة؛ قال: (والمُؤَلَّفةُ قُلُوبُهُمْ، وهُمُ المُشْرِكُونَ المُتَأَلَّفُونَ عَلَى الْإِسْلَامِ)

هذا الصِّنْفُ الرَّابعُ من أصْنافِ الزكاةِ المُسْتَحِقُّون لها. وقال أبو حنيفةَ: انْقَطَعَ سَهْمُهُم. وهو أحدُ أقوالِ الشافعىِّ؛ لما رُوِىَ أَنَّ مُشْركًا جاء يَلْتَمِسُ من عمرَ مالًا، فلم يُعْطِه، وقال: {فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} (١). ولم يُنْقَلْ عن عمرَ ولا عثمانَ ولا علىٍّ أنَّهم أعْطَوْا شيئا من ذلك، ولأنَّ اللَّه تعالى أظهرَ الإِسلامَ، وقَمَعَ المُشْرِكينَ, فلا حاجةَ بنا إلى التَّأْليفِ. وحكى حَنْبَلٌ، عن أحمدَ، أنَّه قال: المُؤَلّفةُ قد انْقَطَعَ حُكْمُهُم اليومَ. والمَذْهَبُ على خلافِ ما حكاه حَنْبَلٌ، ولعلَّ معنَى قولِ أحمدَ: انْقَطَعَ حُكْمُهم. أى لا يُحْتاجُ إليهم فِى الغالبِ، أو أراد أَنَّ الأئِمَّةَ لا يُعْطُونَهم اليوم (٢) شيئا، فأما إن احتاجَ إليهم جازَ الدَّفْعُ إليهم، فلا يجوزُ الدفعُ إليهم إلَّا مع الحاجةِ. ولَنا، على جَوازِ الدَّفْعِ إليهم قولُ اللَّه تعالى: {وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ} (٣). وهذه الآية فى سُورة بَرَاءة، وهى من (٤) آخرِ ما نَزَلَ من القرآنِ على رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-. وقد ثَبَتَ أَنَّ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أعْطَى المُؤَلَّفةَ من المشركينَ والمسلمينَ (٥). وأعْطَى أبو بكرٍ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، عَدِىَّ بن حاتمٍ، وقد قدِمَ عليه بثَلاثِمائةِ جَمَلٍ من إبلِ الصَّدَقةِ، ثَلاثينَ بَعِيرًا. ومخالفةُ كتابِ اللَّه تعالى، وسُنَّةِ رسولِه، واطِّرَاحُهما (٦) بلا حُجّةٍ لا يجوزُ، ولا يَثْبُتُ النَّسْخُ بتَرْكِ


(١) سورة الكهف ٢٩. وفى النسخ: "من شاء فليؤمن" خطأ.
(٢) سقط من: أ.
(٣) سورة التوبة ٦٠.
(٤) سقط من: م.
(٥) أخرجه البخارى، فى: باب قوله: "والمؤلفة قلوبهم"، من كتاب التفسير. صحيح البخارى ٦/ ٨٤. ومسلم، فى: باب إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإِسلام. . .، من كتاب الزكاة. صحيح مسلم ٢/ ٧٣٨. والترمذى، فى: باب ما جاء فى إعطاء المؤلفة قلوبهم، من أبواب الزكاة. عارضة الأحوذى ٣/ ١٧١. والنسائى، فى: باب المؤلفة قلوبهم، من كتاب الزكاة. المجتبى ٥/ ٦٥.
(٦) فى أ، م: "واطراحها".

<<  <  ج: ص:  >  >>