للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لازِمٌ. قُلْنا: العَارِيَّةُ غيرُ لَازِمَةٍ من جِهَةِ المُسْتَعِيرِ؛ فإنَّ لِصَاحِبِ العَبْدِ المُطَالَبَةَ بِفَكَاكِه قبلَ حَلُولِ الدَّيْنِ. ولأنَّ العَارِيَّةَ قد تكونُ لَازِمَةً، بِدَلِيلِ ما لو أعَارَهُ حَائِطًا لِيَبْنِىَ عليه، أو أرْضًا لِيَدْفِنَ فيها، أو لِيَزْرَعَ فيها ما لا يُحْصَدُ قَصِيلًا (٣٤). إذ ثَبَتَ هذا، فإنَّه يَصِحُّ رَهْنُه بما شَاءَ، إلى أى وَقْتٍ شَاءَ، ممَّن شَاءَ؛ لأنَّ الإذْنَ يَتَنَاوَلُ الكُلَّ بإِطْلَاقِه، ولِلسَّيِّدَ مُطالَبَةُ الرَّاهِنِ بِفَكَاكِ الرَّهْنِ، حَالًّا كان أو مُؤَجَّلًا، في مَحلِّ الحَقِّ وقبلَ مَحلَّه؛ لأنَّ العَارِيَّةَ لا تَلْزَمُ. ومتى حَلَّ الحَقُّ فلم يَقْبِضْه، فَلِلْمُرْتَهِنِ بَيْعُ الرَّهْنِ. واسْتِيفَاءُ الدَّيْنِ من ثَمَنِه، ويَرْجِعُ المُعِيرُ على الرَّاهِنِ بالضَّمَانِ، وهو قِيمَةُ العَيْنِ المُسْتَعَارَةِ، أو مِثْلُها إن كانتْ مِن ذَوَاتِ الأمْثَالِ، ولا يَرْجِعُ بما بِيعَتْ به، سواءٌ بِيعَتْ بأَقَلَّ من القِيمَةِ أو أكْثَرَ، في أحَدِ الوَجْهَيْنِ. والصَّحِيحُ أنَّها إن بِيعَت بأَقَلَّ من قِيمَتِها، رَجَعَ بالقِيمَةِ؛ لأنَّ العَارِيَّةَ مَضْمُونَةٌ، فيَضْمَنُ نَقْصَ ثَمَنِها، وإن بيعَتْ بأكْثَرَ، رَجَعَ بما بِيعَتْ به؛ لأنَّ العَبْدَ مِلْكٌ لِلْمُعِيرِ، فيكون ثَمَنُه كلُّه له. وكذلك لو أسْقَطَ المُرْتَهِنُ حَقَّهُ عن الرَّاهِنِ، رَجَعَ الثَّمَنُ كلُّه إلى صَاحِبِه. فإذا قَضَى به دَيْنَ الرَّاهِنِ، رَجَعَ به عليه، ولا يَلْزَمُ من وُجُوبِ ضَمَانِ النَّقْصِ أن لا تكونَ الزِّيَادَةُ لِصَاحِبِ العَبْدِ، كما لو كان بَاقِيًا بِعَيْنِه، وإن تَلِفَ الرَّهْنُ ضَمِنَهُ الرَّاهِنُ بِقِيمَتِه، سواءٌ تَلِفَ بِتَفْرِيطٍ أو غير تَفْرِيطٍ. نَصَّ على هذا أحمدُ. وذلك لأنَّ العَارِيَّةَ مَضْمُونَةٌ.

فصل: وإن فَكَّ المُعيرُ الرَّهْنَ، وأَدَّى الدَّيْنَ الذى (٣٥) عليه بإذْنِ الرَّاهِنِ، رَجَعَ عليه. وإن قَضَاهُ مُتَبَرِّعًا، لم يَرْجِعْ بشىءٍ. وإن قَضَاهُ بغير إذْنِه مُحْتَسِبًا بالرُّجُوعِ بغير إذْنِه، فهل يَرْجِعُ؟ على رِوَايَتَيْنِ، بنَاءً على ما إذا قَضَى دَيْنَه بغيرِ إذْنِه، ويَتَرَجَّحُ الرجُوعُ هاهُنا؛ لأنَّ له المُطَالَبَةَ بفَكَاكِ عَبْدِه، وأدَاءُ دَيْنِه فَكَاكُه. وإن اخْتَلَفَا في الإذْنِ، فالَقْولُ قولُ الرَّاهِنِ مع يَمِينِه؛ لأنَّه مُنْكِرٌ. وإن شَهِدَ المُرْتَهِنُ


(٣٤) القصيل: الطرى يجني مرة بعد مرة.
(٣٥) سقط من: أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>