للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحُكْمِ الاشْتِرَاطِ.

٥٦١ - مسألة؛ قال: (وَإنْ أرَادَ القِرَانَ، قَالَ: اللَّهُمَّ إنِّى أُرِيدُ العُمْرَةَ والحَجَّ. ويَشْتَرِطُ)

مَعْنَى القِرَانِ: الإحْرامُ بِالعُمْرَةِ والحَجِّ معًا، أو يُحْرِمُ بِالعُمْرَةِ ثم يُدْخِلُ عليها الحَجَّ. وهو أحَدُ الأنْساكِ المَشْرُوعَةِ، الثابِتَةِ بالنَّصِّ والإِجْمَاعِ. وقد رُوِىَ أنَّ مُعاوِيَةَ قال لأصْحابِ النَّبِىِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: هل تَعْلَمُونَ أنًّ رسولَ اللَّه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَهَى أن يُقْرَنَ بين الحَجِّ والعُمْرَةِ؟ قالوا: أمَّا هذا فلا. قال: إنَّها مَعَهُنَّ -يعنى مع المَنْهِيَّاتِ- ولَكِنَّكُم نَسيِتُم (١). وهذا ممَّا لم يُوَافِقِ الصَّحَابَةُ مُعاوِيَةَ عليه، مع ما يَتَضَمَّنُه من مُخالَفَةِ الأحادِيثِ الصَّحِيحَةِ والإجْمَاعِ، قال الخَطَّابِىُّ (٢): ويُشْبِهُ أن يكونَ ذَهَبَ إلى تَأوِيلِ قَوْلِه عليه السَّلَامُ، حين أمَرَ أصْحابَه فى حَجَّتِه بِالإحْلالِ، وقال: "لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أمْرِى مَا اسْتَدْبَرْتُ، لَما سُقْتُ الهَدْىَ" (٣). وكان قَارِنًا، فحَمَلَه مُعاوِيَةُ على النَّهْىِ. واللهُ أعلمُ.

فصل: ويُسْتَحَبُّ أنْ يُعَيِّنَ ما أحْرَمَ به. وبه قال مالِكٌ. وقال الشَّافِعِىُّ، فى أحَدِ قَوْلَيْهِ: الإطْلَاقُ أوْلَى؛ لما رَوَى طاوُسٌ، قال: خَرَجَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من المَدِينَةِ، لا يُسَمِّى حَجًّا، يَنْتَظِرُ القَضَاءَ، فنَزَلَ عليه القَضاءُ وهو بين الصَّفَا والمَرْوَةِ، فأمَرَ أصْحابَهُ مَن كان منهم أهَلَّ، ولم يكنْ معه هَدْىٌ، أن يَجْعَلُوهَا عُمْرَةٌ (٤). ولأنَّ ذلك أحْوَطُ؛ لأنَّه لا يَأْمَنُ الإحْصارَ، أو تَعَذُّرَ فِعْلِ الحَجِّ عليه،


(١) أخرجه أبو داود، فى: باب فى إفراد الحج، من كتاب المناسك. سنن أبى داود ١/ ٤١٦.
(٢) فى معالم السنن ٢/ ١٦٧.
(٣) تقدم فى صفحة ٨٤.
(٤) أخرجه الإمام الشافعى فى مسنده، انظر: الباب السابع فى الإفراد والقران والتمتع، من كتاب الحج، فى ترتيب السندى لمسند الشافعي ١/ ٣٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>