للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُجامعْها، ولم يُطِلْ عندَها؛ لأنَّ السَّكَنَ يحصُلُ بذلك، وهى لا تسْتحِقُّه، وفى الاسْتِمْتاعِ منها بما دونَ الفرجِ وَجْهانِ؛ أحدُهما، يجوزُ؛ لحديثِ عائشةَ. والثانى، لا يجوزُ؛ لأنَّه يحْصُلُ لها به السَّكَنُ، فأشْبَهَ الجماعَ. فإن أطالَ المُقَامَ عندَها، قَضَاهُ. وإن جامعَها فى الزَّمنِ اليَسِيرِ، ففيه وَجْهانِ على ما ذكَرْنا. ومذهبُ الشَّافعىِّ على نحوِ ما ذكَرْنا، إلَّا أنَّهم قالوا: لا يَقْضِى إذا جامعَ فى النَّهارِ. ولَنا، أنَّه زمنٌ يقْضِيه إذا طال (١٠) المُقامُ، فيَقْضِيه إذا جامعَ فيه، كاللَّيلِ.

فصل: والأَوْلَى أن يكونَ لكلِّ واحدةٍ منهُنَّ مَسْكَنٌ يأْتيها فيه؛ لأنَّ رسولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يَقْسِمُ هكذا، ولأنَّه أَصْوَنُ لهنَّ وأسْتَرُ، حتى لا يَخْرُجْنَ مِن بُيوتهنَّ. وإنِ اتَّخذَ لنفسِه مَنْزِلًا يَسْتَدْعِى إليه كلَّ واحدةٍ منهنَّ فى لَيْلتِها ويومِها، كان له ذلك؛ لأنَّ للرَّجلِ نقْلَ زَوْجتِه حيثُ شاءَ، ومَن امتنعتْ منهُنَّ من إجابتِه، سقَطَ حقُّها مِنَ القَسْمِ؛ لنُشُوزِها. وإن اخْتارَ أن يقْصِدَ بعضَهنَّ فى مَنازلهنَّ، ويَسْتدعِىَ البعضَ، كان له ذلك؛ لأنَّ له أَنْ يُسْكِنَ كلَّ واحدةٍ منهنَّ حيثُ شاءَ. وإنْ حُبِسَ الزَّوجُ، فأحبَّ القَسْمَ بين نسائِه، بأن يَسْتَدْعِىَ كلَّ واحدةٍ فى ليلتِها، فعليهنَّ طاعتُه، إن كان ذلك سُكْنَى مِثْلِهنَّ، وإن لم يكُنْ، لم تلزمْهُنَّ إجابتُه؛ لأنَّ عليهنَّ فى ذلك ضَررًا. وإن أَطَعْنَه، لم يكُنْ له أن يتْرُكَ العدلَ بينهنَّ، ولا اسْتِدْعاءُ بعضِهِنَّ دُونَ بعضٍ، كما فى غير الحَبْسِ.

١٢٢٥ - مسألة؛ قال: (وَلَوْ وَطِئَ زَوْجَتَهُ، وَلَمْ يَطَأِ الأُخْرَى، فَلَيْسَ بِعَاصٍ)

لا نعلمُ خلافًا بينَ أهلِ العلمِ، فى أنَّه لا تجبُ التَّسْويةُ بينَ النِّساءِ فى الجِماعِ، وهو مذهبُ مالكٍ، والشَّافعىِّ؛ وذلك لأنَّ الجماعَ طريقُه الشَّهْوةُ والمَيْلُ، ولا سَبِيلَ إلى التَّسْويَةِ بينهنَّ فى ذلك، فإنَّ قلبَه قد يَمِيلُ إلى إحداهُما دونَ الأُخْرَى، قال اللَّه تعالى: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ} (١). قال عَبِيدَةُ السَّلْمَانِىُّ: فى


(١٠) فى أ: "أطال".
(١) سورة النساء ١٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>