للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنْ يَثْبُتَ حُكْمُه، ويُقْضَى بِثُبُوتِ دَلَالَتِه، كالحُكْمِ بِكَوْنِه رَجُلًا، بِخُرُوجِ البَوْلِ من ذَكَرِه، وبِكَوْنِه امْرَأةً، بِخُرُوجِه من فَرْجِها، والحُكْمِ لِلْغُلَامِ بالبُلُوغِ بِخُرُوجِ المَنِيِّ من ذَكَرِه، ولِلْجَارِيَةِ بِخُرُوجِ الحَيْضِ من فَرْجِها، فعلى هذا إنْ خَرَجَا جَمِيعًا (٢٣) لم يَثْبُتْ كَوْنُه رَجُلًا ولا امْرَاةً؛ لأنَّ الدَّلِيلَيْنِ تَعَارَضَا، فأشْبَه ما لَوْ خَرَجَ البَوْلُ من الفَرْجَيْنِ. وهل يَثْبُتُ البُلُوغُ بذلك؟ فيه وَجْهانِ؛ أحَدُهما، يَثْبُتُ. وهو اخْتِيَارُ القَاضِى، ومَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ؛ لأنَّه إنْ كان رَجُلًا، فقد خَرَجَ المَنِيِّ من ذَكَرِه، وإن كان امْرَأَةً، فقد حَاضَتْ. والثانى، لا يَثبُتُ؛ لأنَّه يجوزُ أن لا يكونَ هذا حَيْضًا ولا مَنِيًّا، فلا يكونُ فيه دَلَالَةٌ، وقد دَلَّ تَعَارُضُهما على ذلك، فَانْتَفَتْ دَلالَتُهما على البُلُوغِ، كَانْتِفاءِ دَلالتِهِما على الذُّكُورِيَّة والأُنُوثِيَّةِ، واللهُ أعْلَمُ.

٨١١ - مسألة؛ قال: (وكذلك الجَارِيَةُ، وإنْ لَمْ تَنْكِحْ)

يَعْنِى أنَّ الجَارِيَةَ إذا بَلَغَتْ، وأُونِسَ رُشْدُها بعد بلُوغِها، دُفِعَ إليها مالُها، وزَالَ (١) الحَجْرُ عنها، وإن لم تَتَزَوَّجْ. وبهذا قال عَطَاءٌ، والثَّوْرِىُّ، وأبو حنيفةَ، والشَّافِعِيُّ، وأبو ثَوْرٍ، وابنُ المُنْذِرِ. ونَقَلَ أبو طَالِبٍ، عن أحمدَ: لا يُدْفَعُ إلى الجَارِيَةِ مَالُها بعد بُلُوغِهَا، حتَّى تَتَزَوَّجَ وتَلِدَ، أو يَمْضِىَ عليها سَنَةٌ فى بَيْتِ الزَّوْجِ. رُوِىَ ذلك عن عمرَ، وبه قال شُرَيْحٌ، والشَّعْبِيُّ، وإسحاقُ؛ لِمَا رُوِىَ عن شُرَيْحٍ، أنَّه قال: عَهِدَ إلَيَّ عمرُ بن الخَطَّابِ، رَضِىَ اللَّه عنه، أنْ لا أُجِيزَ لِجَارِيَةٍ عَطِيَّةً حتَّى تَحُولَ فى بَيْتِ زَوْجِهَا حَوْلًا، أو تَلِدَ وَلَدًا. رَوَاهُ سَعِيدٌ فى "سُنَنِه"، ولا يُعْرَفُ له مُخَالِفٌ، فصَارَ إجْمَاعًا. وقال مالِكٌ: لا يُدْفَعُ إليها مَالُها حتَّى تَتَزَوَّجَ، ويَدْخُلَ عليها زَوْجُهَا؛ لأنَّ كُلَّ حَالَةٍ جَازَ لِلْأَبِ تَزوِيجُها من غير إذْنِها، لم يَنْفَكَّ


(٢٣) فى ب، م: "معا".
(١) فى أ، ب، م: "وزوال".

<<  <  ج: ص:  >  >>