للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو الحاجةُ إلى العَفْوِ عنها [لمشقَّة التَّحرُّزِ منها] (١٢). وقد انْتفَت الحاجةُ [إلى تَطْهيرِهَا] (١٣). فَتنْتَفِى الطهارةُ.

والثانى، هي طاهرة. وهذا أصَحُّ؛ لأنها كانت طاهرةً في الحياةِ، والموت لا يقتضى تنْجِيسَها. فتَبْقَى على (١٤) الطهارةِ. وما ذكرْناه للوَجْهِ الأوَّلِ لا يصِحُّ، لأننا لا نُسَلِّم وُجُودَ عِلَّةِ التَّنْجِيسِ، ولئن سَلَّمْناهُ غيرَ أنَّ الشَّرْعَ ألْغاهُ، ولم يثْبُت اعتبارهُ في موضِعٍ، فليس لنا إثباتُ حُكْمِه بالتَّحَكُّمِ.

فصل: واخْتلَفتِ الرِّوايةُ عن أحمدَ في الْخَرْزِ بشَعْرِ الخنزيرِ، فُروِىَ عنه كَراهتُه، وحُكِىَ ذلك عن ابن سِيرِينَ، والحَكَمِ، وحَمَّاد، وإسحاق، والشافعىِّ؛ لأنه استعمالٌ لِلْعَيْنِ النَّجِسَةِ، ولا يَسْلَمُ من التنجُّس بها، فحَرُمَ الانتفاعُ بها، كجِلْدِه.

والثانية، يجوزُ الْخَرْزُ به. قال: وباللِّيفِ أحَبُّ إلينا.

ورخَّص فيه الحسنُ، ومالك، والأَوْزَاعِىُّ، وأبو حنيفة؛ لأن الحاجةَ تَدْعُو إليه. وإذا خَرَزَ به شيئًا رَطْبًا، أو كانت الشَّعْرةُ رَطْبةً نَجُسَ، ولم يطْهُرْ إلَّا بالغَسْلِ.

قال ابنُ عَقِيلٍ: وقد رُوِىَ عن أحمدَ، أنه لا بَأْسَ به. ولعلَّه قال ذلك لأنه لا يَسْلَمُ الناسُ منه، وفى تَكْلِيفِ غَسْلِه إتلافُ أموالِ الناسِ، فالظَّاهِرُ أن أحمدَ إنما عَنَى لا بَأْسَ بالْخَرْزِ، فأمَّا الطهارةُ فلا بُدَّ منها. واللَّه أعلمُ.

فصل: والمشركون علَى ضَرْبَيْن: أهلِ كتابٍ، وغيرِهم.

فأهلُ الكتابِ يُباحُ أكْلُ طَعامِهم وشرابِهم، والأكلُ في آنِيَتِهم، ما لم يتحقَّقْ نَجاستُها. قال ابنُ عَقِيلٍ: لا تخْتَلِفُ الروايةُ في أنه لا يحْرُم اسْتعمالُ أوَانِيهم؛ وذلك لقَوْل اللَّه تعالى: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ} (١٥). ورُوِىَ عن عبد اللَّه بن الْمُغَفَّلِ، قال: دُلِّىَ جِرَابٌ مِنْ شَحْمٍ يَوْمَ خَيْبَرَ،


(١٢) في م: "للمشقة".
(١٣) سقط من: م.
(١٤) سقط من: م.
(١٥) سورة المائدة ٥. ولم يرد في الأصل، أ: "وطعامكم حل لهم".

<<  <  ج: ص:  >  >>