للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحْرَمَتْ به، فهو كمَنْ لم يَأْذَنْ. وإذا قُلْنا: [له تَحْلِيلُها] (٩). فَحُكْمُها حُكْمُ المُحْصَرِ، يَلْزَمُها الهَدْىُ، فإن لم تَجِدْه (١٠) صامَتْ، ثم حَلَّتْ.

فصل: وإن أَحْرَمَتْ بِوَاجِبٍ، فحَلَفَ زَوْجُها بِالطَّلاقِ الثَّلاثِ أنْ لا تَحُجَّ العامَ، فليس لها أن تَحِلَّ؛ لأَنَّ الطَّلاقَ مُباحٌ، فليس لها تَرْكُ فَرِيضَةِ (١١) اللهِ خَوْفًا من الوُقُوعِ فيه. ونَقَلَ مُهَنَّا عن أحمدَ، أنَّه سُئِلَ عن هذه المسألةِ، فقال: قال عَطاءٌ: الطَّلاقُ هَلاكٌ، هى بِمَنْزِلَةِ المُحْصَرِ. رَوَى عنه ابنُ مَنْصورٍ، أنَّه أَفْتَى السَّائِلَ أنَّها بِمَنْزِلَةِ المُحْصَرِ. واحْتَجَّ بِقَوْلِ عَطاءٍ، فَتَرَاهُ (١٢)، واللهُ أعْلَمُ، ذَهَبَ إلى هذا لأنَّ ضَرَرَ الطَّلاقِ عَظِيمٌ؛ لما فيه من خُرُوجِهَا من بَيْتِه (١٣)، ومُفارَقَةِ زَوْجِها وَوَلَدِها، وَرُبمَّا كان ذلك أعْظَمَ عِنْدَها من ذَهابِ مَالِها، وهَلَاكِ سائِرِ أهْلِها، ولذلك سَمَّاهُ عَطاءٌ هَلَاكًا. ولو مَنَعَها عَدُوٌّ من الحَجِّ إلَّا أن تَدْفَعَ إليه مَالَها، كان ذلك حَصْرًا، فهاهُنا أوْلَى. واللهُ أعلمُ.

فصل: وليس لِلْوالِدِ مَنْعُ وَلَدِه من الحَجِّ الوَاجِبِ، ولا تَحْلِيلُه من إحْرامِهِ، وليس لِلْوَلَدِ طَاعَتُه فى تَرْكِه؛ لأنَّ النَّبِىَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قال: "لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِى مَعْصِيَةِ (١٤) اللهِ تَعَالَى" (١٥). وله مَنْعُه من الخُرُوجِ إلى التَّطَوُّعِ، فإنَّ له مَنْعَه من


(٩) فى أ، ب، م: "بتحليلها".
(١٠) فى أ، ب، م: "تجد".
(١١) فى أ، ب، م: "فرائض".
(١٢) فى أ، ب، م: "فرواه".
(١٣) فى أ، ب، م: "بيتها".
(١٤) فى الأصل: "معصيته".
(١٥) أخرجه مسلم، فى: باب وجوب طاعة الأمراء. . .، من كتاب الإمارة. صحيح مسلم ٣/ ١٤٦٩. وأبو داود، فى: باب فى الطاعة، من كتاب الجهاد. سنن أبى داود ٢/ ٣٨. والنسائى، فى: باب جزاء من أمر بمعصية فأطاع، من كتاب البيعة. المجتبى ٧/ ١٤٢. والإمام أحمد، فى: المسند ١/ ١٣١، ٤/ ٤٢٦، ٤٢٧، ٤٣٢، ٤٣٦، ٥/ ٦٦، ٦٧، ٧٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>