للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَضْمونةٍ. وإنْ ذهَبَ أقلُّ، فلِلْمُقْتَصِّ دِيَةُ ما بَقِىَ؛ لأنَّه لم يَسْتَوْفِ بَدَلَه.

فصل: وإذا قَطَعَ لسانَ صغيرٍ لم يتكلَّمْ لطُفوليَّتِه، وجبَتْ دِيَتُه. وبهذا قال الشَّافعىُّ. وقال أبو حنيفةَ: لا تجبُ؛ لأنَّه لسانٌ لا كلامَ فيه، فلم تجبْ فيه دِيَةٌ، كلسانِ الأخْرَسِ. ولَنا، أنَّ ظاهرَه السَّلامةُ، وإنَّما لم يتكلَّمْ لأنَّه لا يُحْسِنُ الكلامَ، فوجَبتْ به الدِّيَةُ كالكبيرِ، ويُخالِفُ الأخْرسَ؛ فإنَّه عُلِمَ أنَّه أشَلُّ، ألا تَرَى أن أعضَاءَه لا (٢٣) يَبْطِشُ بها، وتجبُ فيها الدِّيَةُ. وإنْ بلغَ حَدًّا يتكلَّمُ مثلُه، فلم يتكلَّمْ، فقَطَعَ لسانَه، لم تجبْ فيه الدِّيَةُ؛ لأنَّ الظَّاهرَ أنَّه لا يقْدِرُ على الكلامِ، ويَجبُ فيه ما يجبُ في لِسانِ الأخْرَسِ. وإنْ كَبِرَ فنطَقَ ببعضِ الحروفِ، وجبَ فيه بقَدْرِ ما ذهَب من الحروفِ؛ لأنَّنا تبيَّنَّا أنَّه كان ناطِقًا. وإن كان قد بلغَ إلى حدٍّ يتحرَّكُ بالبكاءِ وغيرِه، فلم يتحرَّكْ، فقطعَه قاطِعٌ، فلا دِيَةَ فيه؛ لأنَّ الظاهرَ أنَّه لو كانَ صحيحًا لتحرَّكَ. وإنْ لم يَبْلغْ إلى حَدٍّ يتحرَّك، ففيه الدِّيَةُ؛ لأنَّ الظَّاهرَ سَلامتُه. وإن قَطَعَ لِسانَ كبيرٍ، وادَّعَى أنَّه كان أخْرَسَ، ففيه مثلُ ما ذكرْنا فيما إذا اخْتلَفا في شَللِ العُضْوِ المَقْطوعِ، على مَا ذكرْناه فيما مَضَى.

فصل: وإِنْ جَنَى عليه، فذَهبَ كلامُه أو ذَوْقُه، ثم عادَ، لم تجبْ الدِّيَةُ؛ لأنَّنا تبيَّنَّا أنَّه لم يذْهَب، ولو ذهبَ لم يَعُدْ، وإن كان قد أخذَ الدِّيةَ ردَّها. وإن قَطَعَ لسانَه، فعادَ، لم تجب الدِّيَةُ أيضًا، وإنْ كانَ قدْ أخذَها ردَّها. قالَه أبو بكر. وظاهرُ مذهب الشَّافعىِّ، أنَّه لا يَرُدُّ الدِّيَة؛ لأنَّ العادة لم تَجْرِ بعَوْدِه، واختِصَاصُ هذا بعَوْدِه يدُلُّ على أنَّه هِبَةٌ مُجَدَّدةٌ. ولَنا، أنَّه عادَ ما وجبَتْ فيه (٢٤) الدِّيَةُ، فوجبَ ردُّ الدِّيَةِ، كالأسْنانِ وسائرِ ما يعودُ. وإِنْ قَطَعَ إنسانٌ نصفَ لسانِه، فذهَب كلامُه كلُّه، ثم قطَعَ آخَرُ بَقِيَّتَه، فعادَ كلامُه، لم يجبْ رَدُّ الدِّيَةَ؛ لأنَّ الكلامَ الذي كان باللسانِ قد ذهبَ، ولم يَعُدْ إلى


(٢٣) سقط من: الأصل.
(٢٤) في ب: "به".

<<  <  ج: ص:  >  >>