للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على ما مَضَى.

الفَصْلُ الرَّابِعُ، فيما يَلْزَمُه من الفِدْيَةِ: قال ابنُ المُنْذِرِ: أجْمَعَ أهْلُ العِلْمِ على أنَّ جِنَايَاتِ الصِّبْيانِ لازِمَةٌ لهم في أمْوَالِهِم. وذَكَرَ أصْحَابُنا في الفِدْيَةِ التى تَجِبُ بِفِعْلِ الصَّبِىِّ وَجْهَيْنِ؛ أحدُهما في مَالِه؛ لأنَّها وَجَبَتْ بِجِنَايَتِه، أشْبَهَتِ الجِنايَةَ على الآدَمِىِّ. والثاني على الوَلِىِّ، وهو قولُ مالِكٍ؛ لأنَّه حَصَلَ بعَقْدِه أو إذْنِه، فكان عليه، كنَفَقَةِ حَجِّه. فأمَّا النَّفَقَةُ، فقال القاضي: ما زادَ على نَفَقَة الحَضَرِ، في (١٢) مَالِ الوَلِيِّ؛ لأنَّه كَلَّفَه ذلك، ولا حاجَةَ به إليه. وهذا اخْتِيارُ أبي الخَطَّابِ. وحُكِىَ عن القاضي أنه ذَكَرَ في الخِلَافِ أنَّ النَّفَقَة كُلَّها على الصَّبِىِّ؛ لأنَّ الحَجَّ له، فنَفَقَتُه عليه، كالبَالِغِ، ولأنَّ فيه مَصْلَحَةً له لِتَحْصِيلِ (١٣) الثَّوَابِ له، ويَتَمَرَّنُ (١٤) عليه، فصَارَ كأجْرِ المُعَلِّمِ والطَّبِيبِ. والأوَّلُ أوْلَى؛ فإنَّ الحَجَّ لا يَجِبُ في العُمْرِ إلَّا مَرَّةً. ويَحْتَمِلُ أن لا يَجِبَ، فلا يجوزُ تَكْلِيفُه بَذْلَ مَالِه مِن غيرِ حَاجَةٍ إليه (١٥) لِلتَّمَرُّنِ عليه، واللهُ أعلمُ.

فصل: إذا أُغْمِىَ على بالِغٍ، لم يَصِحَّ أن يُحْرِمَ عنه رَفِيقُه. وبه قال الشَّافِعِيُّ، وأبو يوسفَ، ومحمدٌ. وقال أبو حنيفةَ: يَصِحُّ، ويَصِيرُ مُحْرِمًا بإحْرَامِ رَفِيقِه عنه (١٦) اسْتِحْسَانًا؛ لأنَّ ذلك مَعْلُومٌ من قَصْدِه، ويَلْحَقُه مَشَقَّةٌ في تَرْكِه، فأجْزَأ عنه إحْرَامُ غيرِه. ولَنا، أنَّه بَالِغٌ، فلم يَصِرْ مُحْرِمًا بإحْرَامِ غيرِه، كالنَّائِمِ، ولو أنَّه أذِنَ في ذلك وأجَازَه، لم يَصِحَّ، فمع عَدَمِ هذا أوْلَى أنْ لا يَصِحَّ.


(١٢) في م: "ففى".
(١٣) في ب، م: "بتحصيل".
(١٤) في الأصل، أ: "وتمرن".
(١٥) سقط من: م.
(١٦) سقط من: الأصل، أ، ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>