للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دَرَاهِمَ، مثل أن يَشْتَرِطَ لِنَفْسِه جُزْءًا وعَشْرَةَ دَرَاهِم، بَطَلَتِ الشَّركَةُ. قال ابنُ المُنْذِرِ: أجْمَعَ كلُّ من نَحْفَظُ عنه من أهْلِ العِلْمِ على إبْطالِ القِرَاضِ إذا شَرَطَ أحَدُهُما أو كِلَاهُما لِنَفْسِه دَرَاهِمَ مَعْلُومَةً، وممَّن حَفِظْنا ذلك عنه مالِكٌ، والأَوْزَاعِىُّ، والشَّافِعِىُّ، وأبو ثَوْرٍ، وأصْحَابُ الرَّأْىِ، والجَوَابُ فيما لو قال: لك نِصْفُ الرِّبْحِ إلَّا عَشْرَةَ دَرَاهِم، أو نِصْفُ الرِّبْحِ وعَشْرَةُ دَرَاهِم، كالجَوابِ فيما إذا شَرَطَ دَرَاهِمَ مُفْرَدَةٌ. وإنَّما لم يَصِحَّ ذلك لِمَعْنَيَيْنِ؛ أحدِهِما، أنَّه إذا شَرَطَ دَرَاهِمَ مَعْلُومَةً، احْتَمَلَ أن لا يَرْبَحَ غيرَها، فيَحْصُلُ على جَمِيعِ الرِّبْحِ، واحْتَمَلَ أن لا يَرْبَحَها (١)، فيَأْخُذُ من رَأْسِ المالِ جُزْءًا. وقد يَرْبَحُ كَثِيرًا، فيَسْتَضِرُّ مَن شُرِطَتْ له الدَّرَاهِمُ. والثانى، أنَّ حِصَّةَ العامِلِ يَنْبَغِى أن تكونَ مَعْلُومَةً بالأَجْزاءِ، لَمَّا تَعَذَّرَ كَوْنُها مَعْلُومَةً بالقَدْرِ، فإذا جُهِلَتِ الأَجْزَاءُ، فَسْدَتْ، كما لو جُهِلَ القَدْرُ فيما يُشْتَرَطُ أن يكونَ مَعْلُومًا به. ولأنَّ العامِلَ متى شَرَطَ لِنَفْسِه دَرَاهِمَ مَعْلُومَةً، رُبَّما تَوَانَى في طَلَبِ الرِّبْح؛ لِعَدَمِ فائِدَتِه فيه، وحُصُولِ نَفْعِه لغيرِه، بِخِلَافِ ما إذا كان له جُزْءٌ من الرِّبْحِ.

فصل: وإن دَفَعَ إليه أَلْفَيْنِ (٢) مُضَارَبةً، على أن لكلِّ واحدٍ منهما رِبْحَ أَلْفٍ، أو على أنَّ لأَحَدِهما رِبْحَ أحَدِ الثَّوْبَيْنِ، أو رِبْحَ إحْدَى السَّفْرَتَيْنِ، أو رِبْحَ تِجَارَتِه في شَهْرٍ أو عامٍ بِعَيْنِه، ونحو ذلك، فَسَدَ الشَّرْطُ والمُضَارَبة؛ لأنَّه قد يَرْبَحُ في ذلك المُعَيَّنِ دونَ غيرِه، وقد يَرْبَحُ في غيرِه دُونَهُ، فيَخْتَصُّ أحَدُهُما بالرِّبْحِ، وذلك يُخَالِفُ مَوْضُوعَ الشَّركِةِ. ولا نَعْلَمُ في هذا خِلَافًا. وإن دَفَعَ إليه ألْفًا، وقال: لَكَ رِبْحُ نِصْفِه. لم يَجُزْ. وبهذا قال الشَّافِعِىُّ. وقال أبو حنيفةَ، وأبو ثَوْرٍ: يجوزُ؛ لأنَّ نِصْفَ رِبْحِه هو رِبْحُ نِصْفِه، فجَازَ شَرْطُه، كما لو عَبَّرَ عنه بِعِبَارَتِه الأُخْرَى. ولَنا، أنَّه شَرَطَ لأَحَدِهِما رِبْحَ بعضِ المالِ دونَ بعضٍ، وكذلك جَعَلَ للآخَرِ (٣)، فلم يَجُزْ. كما لو قال: لك رِبْحُ هذه الخَمْسِمائة.


(١) في أ، ب: "يربح".
(٢) في ب: "الدين".
(٣) في أ، ب، م: "الآخر".

<<  <  ج: ص:  >  >>