للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَحَرَتْها (٤١). ولأنَّها مالِكَةٌ تامَّةُ المِلْكِ من أهلِ التَّصَرُّفَاتِ، أشْبَهتِ الرجلَ. وفيه وَجْهٌ ثالِثٌ، أنَّ الحَدَّ يُفَوَّضُ إلى وَلِيِّها؛ لأنَّه يُزَوِّجُ أَمَتَها ومَوْلاتَها، فمَلَكَ إقامَةَ الحَدِّ على مَمْلُوكَتِها.

فصل: وإن فَجَرَ بِأَمَةٍ، ثم قَتَلَهَا، فعليه الحَدُّ وقيمَتُها. وبهذا قال أبو حنيفةَ، والشَّافِعِيُّ، وأبو ثَوْرٍ. وقال أبو يوسف: إذا أوْجَبْتُ (٤٢) عليه قِيمَتَها، أسْقَطْتُ الحَدَّ عنه؛ لأنَّه يَمْلِكُها بغَرامَتِه لها، فيكونُ ذلك شُبْهةً في سُقُوطِ الحَدِّ. ولَنا، أنَّ الحَدَّ وَجَبَ عليه، فلم يَسْقُطْ [بقَتْلِ المَزْنِىِّ بها] (٤٣)، كما لو كانتْ حُرَّةً فغَرِمَ دِيَتَها. وقولُهم: إنَّه يملِكُها. غيرُ صحيحٍ؛ لأنَّه إنَّما غَرِمَها بعدَ قَتْلِها، ولم يَبْقَ مَحَلًّا للمِلْكِ، ثم لو ثَبَتَ أنَّه مَلَكَها، فإنَّما مَلَكَها بعدَ وجوبِ الحَدِّ، فلم يَسْقُطْ عنه الحدُّ، كما لو اشْتراها، ولو زَنَى بأَمَة، ثم اشْتَرَاها، لم يَسْقُطْ عنه الحدُّ، مِع ثُبُوتِ حَقيقةِ المِلْكِ له، فههُنا أوْلَى. ولو زَنَى بِأَمَةٍ، ثم غَصَبَها، فأَبَقَتْ من يَدِه، ثم غَرِمَها، لم يَسْقُطْ عنه الحدُّ؛ لأنَّه إذا لم يسْقُطْ بالمِلْكِ المُتَّفَقِ عليه، فبالمُخْتَلَفِ فيه أَوْلَى.

فصل: وإذا زَنَى مَن نِصْفُه حُرٌّ، ونصفُه رَقِيقٌ، فلا رَجْمَ عليه؛ لأنَّه لم تَكْمُلِ الْحُرِّيَّةُ فيه، وعليه نصفُ حَدِّ الحُرِّ خمسون جَلْدَةً، ونصفُ حَدِّ العبدِ خمسٌ وعشرون (٤٤)، فيكونُ عليه خمسٌ وسبعون جلدةً، ويُغَرَّبُ نصفَ عامٍ. نَصَّ عليه أحمدُ. ويَحْتَمِلُ أنْ لَا يُغَرَّبُ؛ لأنَّ حَقَّ السَّيِّدِ في جميعِه في جميعِ الزَّمَانِ، ونصيبُه من العبدِ لا تَغْرِيبَ عليه، فلا يَلْزمُه تَرْكُ حَقِّه في بعضِ الزَّمَانِ بمالا يَلْزَمُه، ولا تأخيرُ حَقِّه بالمُهايَأَةِ من غيرِ رضَاه. وإن قُلْنَا بِوُجُوبِ تَغْريبِه، فَيَنْبَغِى أن يكونَ زمنُ التَّغرِيبِ مَحْسُوبًا على العبدِ من نَصيبِه الحُرِّ، وللسَّيِّد نِصْفُ عامٍ بَدَلًا عنه، وما زادَ من الحُرِّيَّةَ أو


(٤١) تقدم تخريجه، في صفحة ٢٧١.
(٤٢) في م: "وجبت".
(٤٣) سقط من: ب.
(٤٤) في ب زيادة: "جلدة".

<<  <  ج: ص:  >  >>