للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كتابُ الرَّهْنِ

الرَّهْنُ فى اللُّغَةِ: الثُّبُوتُ والدَّوَامُ. يُقال: مَاءٌ رَاهِنٌ. أى رَاكِدٌ. ونِعْمَةٌ رَاهِنَةٌ. أى ثَابِتَةٌ دَائِمَةٌ. وقيل: هو من الحبْسِ. قال اللهُ تعالى: {كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ} (١). وقال: {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ} (٢). وقال الشَّاعِرُ:

وفَارَقَتْكَ بِرَهْنٍ لا فَكَاكَ لَهُ ... يَوْمَ الوَدَاعِ فأَضْحَى الرَّهْنُ قد غَلِقَا (٣)

شَبَّهَ لُزُومَ قَلْبِه لها، واحْتِبَاسَهُ عِنْدَها، لِشِدَّةِ وَجْدِه بها، بالرَّهْنِ الذى يَلْزَمُه المُرْتَهِنُ، فيُبْقِيه عِنْدَهُ، ولا يُفَارِقُه. وغَلَقُ الرَّهْنِ: اسْتِحْقَاقُ المُرْتَهِنِ إيَّاهُ، لِعَجْزِ الرَّاهِنِ عن فَكَاكِه. والرَّهْنُ فى الشَّرْعِ: المالُ الذى يُجْعَلُ وَثِيقَةً بالدَّيْنِ لِيُسْتَوْفَى مِن ثَمَنِه إن تَعَذَّرَ اسْتِيفَاؤُه ممَّن هو عليه. وهو جَائِزٌ. بالكِتَابِ والسُّنَّةِ والإِجْماعِ، أمَّا الكِتَابُ فقولُ اللهِ تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ}. وتُقْرَأُ: {فَرِهَانٌ} (٤). والرِّهَانُ: جَمْعُ رَهْنٍ، والرُّهُنُ: جَمْعُ الجَمْعِ. قالَه الفَرَّاءُ (٥). وقال الزَّجَّاجُ: يَحْتَمِلُ أن يكونَ جَمْعَ رَهْنٍ، مثل سَقْفٍ وَسُقُفٍ. وأما السُّنَّةُ، فرَوَتْ عائِشةُ، رَضِىَ اللَّه عنها، أنَّ رسولَ اللَّه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اشْتَرَى من يَهُودِىٍّ طَعَامًا، ورَهَنَهُ دِرْعَهُ. مُتَّفَقٌ عليه (٦). ورَوَى أبو هُرَيْرَةَ


(١) سورة الطور ٢١.
(٢) سورة المدثر ٣٨.
(٣) البيت لزهير بن أبى سلمى، وهو فى شرح ديوانه ٣٣.
وفى النسخ: "فارقتك". دون الواو.
(٤) سورة البقرة ٢٨٣.
(٥) فى معانى القرآن ١/ ١٨٨.
(٦) تقدم تخريجه فى صفحة ٣٧٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>