للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خلافُ الأُصُولِ، ولأنَّه لو اعْتُبِرَ بنَفْسِه، لَوَجَبَتْ قِيمَتُه كلُّها، كسائرِ المَضْموناتِ بالقِيمَةِ، ولأنَّ مُخالَفَتَهم أشَدُّ من مُخالَفَتِنا؛ لأنَّنا اعْتَبَرْناه إذا كان مَيِّتًا بأُمِّه، وإذا كان حَيًّا بنَفْسِه، فجاز أن تَزِيدَ قِيمةُ المَيِّتِ على الحَىِّ مع اختلافِ الجِهَتَيْنِ، كما جاز أن يَزِيدَ البعضُ على الكُلِّ في أنَّ مَنْ قَطَعَ أَطْرافَ إنسانٍ الأَرْبَعةَ كان الواجبُ عليه أكثرَ من دِيَةِ النَّفْسِ كلِّها (٧)، وهم فَضّلُوا الأُنْثَى على الذَّكَرِ مع اتِّحادِ الجِهَةِ، وأَوْجَبُوا فيما يُضْمَنُ بالقِيمَةِ عُشْرَ قِيمَتِه تارَةً، ونِصْفَ عُشْرِها أُخْرَى، وهذا لا نَظِيرَ له. إذا ثَبَتَ هذا، فإنَّ قِيمَةَ أُمِّه مُعْتَبَرةٌ يومَ الجِنَايةِ عليها (٨). وهذا مَنْصوصُ الشافعىِّ. وقال بعضُ أصحابِه: تُقَوَّمُ حين أسْقَطَتْ؛ لأنَّ الاعْتبارَ في ضَمانِ الجِنَايةِ بالاسْتِقْرارِ. ويتَخَرَّجُ لنا وَجْهٌ كذلك. ولَنا، أنَّه لم يتَخَلَّلْ بين الجِنايةِ وحالِ الاسْتِقْرارِ ما يُوجِبُ تَغْيِيرَ بَدَلِ النَّفْسِ، فكان الاعْتبارُ بحالِ الجِنَايةِ، كما لو جَرَحَ عَبْدًا، ثم نَقَصَتِ السُّوقُ؛ لكَثْرةِ الجَلَبِ، ثم مات، فإنَّ الاعْتبارَ بقِيمَتِه يومَ الجِنايَةِ، ولأنَّ قِيمَتَها تتَغَيَّرُ بالجِنايةِ وتَنْقُصُ، فلم تُقَوّمْ في حالِ نَقْصِها الحاصلِ بالجِنايةِ، كما لو قَطعَ يَدَها فماتتْ من سِرَايَتِها، أو قطَعَ يَدَهَا فمَرِضَتْ بذلك، ثم انْدَمَلَتْ جِرَاحَتُها.

فصل: ووَلَدُ المُدَبَّرةِ والمُكاتَبَةِ والمُعْتَقةِ بصِفَةٍ، وأُمِّ الوَلَدِ إذا حَمَلَتْ من غيرِ مَوْلاها، حُكْمُه حكمُ ولَدِ الأمَةِ؛ لأنَّه مملوكٌ، ولا تَحْمِلُ العاقلةُ شيئًا من ذلك؛ لأنَّ العاقلةَ لا تَحْمِلُ عَبْدًا بحالٍ. فأمَّا جَنِينُ المُعْتَقِ بعضُها، فهو كهىَ، فيه من الحُرِّيَّةِ مثلُ ما فيها، فإذا كان نِصْفُها حُرًّا، فنِصْفُه حُرٌّ، فيه نِصْفُ غُرَّةٍ لوَرَثَتِه، وفى النِّصفِ الباقى نِصْفُ عُشْرِ قِيمَةِ أُمِّه لسَيِّدِه.

فصل: وإن وَطِىءَ أمَةً بشُبْهةٍ، أو غُرَّ بأمَةٍ فتَزَوَّجَها وأحْبَلَها، فضَرَبها ضارِبٌ، فألْقَتْ جَنِينًا، فهو حُرٌّ، وفيه غُرّةٌ مَوْرُوثةٌ عنه لوَرَثَتِه، وعلى الواطئِ عُشْرُ (٩) قِيمَتِها


(٧) سقط من: الأصل.
(٨) في م: "وعليها".
(٩) سقط من: ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>