للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُقَدّمُ الزَّوجُ؛ لأنَّ حَقَّه آكَدُ، فإنَّه ثَبَتَ بنَصِّ القُرْآن والإِجماعِ، وحَقُّ الشُّفْعةِ مُجْتَهَدٌ فيه، غيرُ مُجْمَعٍ عليه. فعلى هذا يكونُ للشَّفيعِ أخْذُ النِّصْفِ الباقِى بنِصْفِ ما كان يَأْخُذُ به الجميعَ.

١٢٠٤ - مسألة؛ قال: (وَإِذَا اخْتَلَفَا فِى الصَّداقِ بَعْد الْعَقْدِ فِى قَدْرِهِ، وَلَا بَيِّنَةَ عَلَى مَبْلَغِهِ، [فالقَوْلُ قولُها مَا ادَّعَتْ مَهْرَ مِثلِهَا)

وجملةُ ذلك أَنَّ الزَّوْجينِ إذا اخْتلَفا فى قَدْرِ المَهْرِ، ولا بَيِّنةَ على مَبْلَغِه] (١)، فالقولُ قولُ مَنْ يَدَّعِى مَهْرَ المِثْلِ منهما، فإن ادَّعَتِ المرأةُ مهرَ مِثْلِها أو أقَلَّ، فالقولُ قولُها، وإن ادَّعَى الزوجُ مهرَ المِثْلِ أو أكثرَ، فالقولُ قولُه. وبهذا قال أبو حنيفةَ. وعن الحسنِ، والنَّخَعِىِّ، وحَمَّادِ بن أبى سليمان، وأبى عُبَيْدٍ نحوُه. وعن أحمدَ روايةٌ أُخْرَى، أَنَّ القولَ قولُ الزَّوجِ بكلِّ حالٍ. وهذا قولُ الشَّعْبِىِّ، وابنِ أبى لَيْلَى، وابنِ شُبْرُمَةَ، وأبى ثَوْرٍ. وبه قال أبو يوسفَ، إلَّا أن يَدَّعِىَ مُسْتَنْكَرًا، وهو أن يَدَّعِىَ مَهْرًا لا يُتَزَوَّجُ بمِثْلِه فى العادةِ؛ لأنَّه مُنْكِرٌ للزِّيادةِ، ومُدَّعَى عليه، فيَدْخُلُ تحت قولِه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ولكِنَّ الْيَمِينَ عَلَى المُدَّعَى عَلَيْهِ" (٢). وقال الشافعىُّ: يَتَحالفانِ، فإن حَلَفَ أحَدُهما ونَكَلَ الآخرُ، ثَبَتَ ما قالَه، وإن حَلَفَا، وَجَبَ مَهْرُ المِثْلِ. وبه قال الثَّوْرِىُّ؛ لأنَّهما اختلَفا فى العِوَضِ المُسْتَحَقِّ فى العَقْدِ، ولا بَيِّنةَ، فيتحالفانِ، قياسًا على المُتبايِعَيْنِ إذا اختلَفا فى الثَّمنِ. وقال مالكٌ: إن كان الاختلافُ قبلَ الدُّخولِ، تحالفَا وفُسِخَ النِّكاحُ، وإن كان بعدَه، فالقولُ قولُ الزَّوْجِ. وبَناه على أصْلِه فى البَيْعِ؛ فإنَّه يُفَرِّق فى التَّحالُفِ بين ما (٣) قبلَ القَبْضِ وبعدَه، ولأنَّها إذا سَلَّمَتْ (٤) نَفْسَها بغير إشْهادٍ، فقد رَضِيَتْ بأمانَتِه. ولَنا، أَنَّ الظَّاهرَ قولُ مَنْ يَدَّعِى مهرَ المِثْلِ، فكان القولُ قولَه، قياسًا على المُنْكِرِ فى سائرِ الدَّعاوَى،


(١) سقط من: ب. نقل نظر.
(٢) تقدم تخريجه فى: ٦/ ٥٢٥.
(٣) سقط من: الأصل، أ، ب.
(٤) فى م: "أسلمت".

<<  <  ج: ص:  >  >>