للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأَوَّلُ هَدْرٌ لا عِبْرَةَ بها، والحكمُ فى جِراحَتَىِ (٨) الآخَرَيْن؛ ذكَرْنا، وعلى الطريقَةِ الأُخْرَى، الأَوَّلُ أَتْلَفَ ثُلُثَ نفسٍ قيمتُها عشرةٌ، فيلْزَمُه ثلاثَةٌ وثُلُثٌ، والثانى أَتْلَفَ ثُلُثَها، وقيمتُها تسعةٌ، فيَلْزَمُه ثلاثَةٌ، والثالِثُ أَتْلَفَ ثُلُثَها، وقيمَتُها ثمانِيَةٌ، فيلْزَمُه دِرْهمان وثُلُثان، فمجموعُ ذلك تسعَةٌ، تُقْسَمُ عليها العشرةُ، حِصَّةُ كلِّ واحدٍ منهم ما يُقابِلُ ما أَتْلَفَه. وإن أَتْلَفُوا شاةً مَمْلوكَةً لغيرِهِم ضَمِنُوها كذلك.

فصل: فإنْ رَمَياهُ معًا فقَتَلَاه، كان حَلَالًا، ومَلَكَاهُ؛ لأنَّهُمَا اشْتَرَكَا فى سَبَبِ المِلْكِ والحِلِّ، تَساوَى الجَرْحان أو تَفاوَتَا؛ لأنَّ مَوْتَه كان بهمَا، فإنْ كان أحدُهما مُوحِيًا والآخَرُ غيرَ مُوحٍ، ولا يُثْبتُه مِثْلُه، فهو لصاحِبِ الجَرْحِ المُوحِى؛ لأنَّه الذى أثبَتَه وقَتَلَه، ولا شىءَ على الآخَرِ؛ لأنَّ جَرْحَه كان قبلَ ثُبوتِ ملكِ الآخَرِ فيه. وإِنْ أصابَهُ أحَدُهما بعدَ صاحِبِه، فوجَداهُ (٩) مَيِّتًا، ولم نَعْلَمْ هل صارَ بالأوَّلِ مُمْتنِعًا (١٠) أوْلَا؟ حَلَّ؛ لأنَّ الأصْلَ الامْتِناعُ، ويكونُ بَيْنَهُما؛ لأنَّ أَيْدِيَهما عليه. فإنْ قال كُلُّ واحِدٍ منهما: أنا أَثْبَتُّه، ثمَّ قَتلْتَه أنتَ. حَرُمَ؛ لأنَّهما اتَّفَقا على تَحْريمِه، ويتَحالَفان لِأجْلِ (١١) الضَّمانِ. وإن اتّفَقَا على الأَوَّلِ منهما، فادَّعَى الأوَّلُ أنَّه أثْبَتَهُ، ثمَّ قَتَلَه الآخَرُ (١٢)، وأَنْكَرَ الثانِى إثباتَ الأَوَّلِ له، فالقولُ قولُ الثانى؛ لأنَّ الأَصْلَ عَدَمُ امْتِناعِه، ويَحْرُمُ على الأوَّلِ؛ لإِقْرارِه بتَحْريمِه، والقولُ قولُ الثانى فى عَدَمِ الامْتِناعِ مع يَمِينِه. وإن عُلِمت جِرَاحةُ كُلِّ واحِدٍ منهما، نُظِرَ (١٣) فيها، فإنْ عُلِمَ أَنَّ جِراحةَ الأَوَّلِ لا يَبْقَى معها امْتناعٌ، مثل أن كسرَ جَناحَ الطائرِ، أو ساقَ الظَّبْىِ، فالقولُ قولُ الأَوَّلِ بغيرِ يَمِينٍ، وإِنْ عُلِم أنَّه لا يُزِيلُ الامْتِناعَ، مثل خَدْشٍ الجِلْدِ، فالقولُ قولُ الثانى، وإن احتملَ الأمرَيْنِ، فالقَوْلُ قولُ الثانى؛ لأنَّ الأصْلَ معه، وعليه اليَمِينُ؛ لأنَّ ما ادَّعاه الأَوَّلُ مُحْتَمِلٌ.


(٨) فى م: "جراحة".
(٩) فى أ، ب، م: "فوجدناه".
(١٠) أى: هل صار قادرا على الفرار أو غير قادر. والشك يفسَّر لصالح الحلِّ.
(١١) فى م: "لأخذ".
(١٢) سقط من: م.
(١٣) فى م: "نظرنا".

<<  <  ج: ص:  >  >>