للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من غيرِ خَوْفٍ، ولا فَرْقَ بين أن تكونَ به حَاجَةٌ إلى ذلك أو لم يكنْ؛ لأنَّ الرُّخَصَ إنَّما يُصارُ فيها إلى ما وَرَدَ الشَّرْعُ به، ولا تَصِحُّ صلاةُ الثَّالِثَةِ والرَّابِعَةِ؛ لِائْتِمامِهِما (١٠) بمَن صلاتُه باطِلَةٌ، فأشْبَهَ ما لو كانت صلاتُه باطِلَةً من أَوَّلِها. فإن لم يَعْلَمَا بِبُطْلَانِ صلاةِ الإِمامِ، فقال ابنُ حامِدٍ: لا تَبْطُلُ صَلاتُهما؛ لأنَّ ذلك ممَّا يَخْفَى، فلم تَبْطُلْ صلاةُ المَأْمُومِ، كما لو ائْتَمَّ بمُحْدِثٍ، ويَنْبَغِى على هذا أن يَخْفَى على الإِمامِ والمَأْمُومِ، كما اعْتَبَرْنَا في صِحَّةِ صلاةِ مَن ائْتَمَّ بمُحْدِثٍ خَفاءً على الإِمامِ والمَأْمُومِ. ويَحْتَمِلُ أنْ لا تَصِحَّ صلاتُهما؛ لأنَّ الإِمامَ والمَأْمُومَ يَعْلَمانِ وُجودَ المُبْطِل. وإنَّما خَفِىَ عليهم حُكْمُه، فلم يَمْنَعْ ذلك البُطْلَانَ، كما لو عَلِمَ الإِمامُ والمَأْمُومُ حَدَثَ الإِمامِ، ولم يَعْلَمَا كَوْنَه مُبْطِلًا. وقال بعضُ أصْحَابِ الشَّافِعِىِّ كقولِ ابنِ حامِدٍ. وقال بعضُهم: تَصِحُّ صلاةُ الإِمامِ والمَأْمُومِينَ جَمِيعًا؛ لأنَّ الحاجَةَ تَدْعُو إلى ذلك، فأشْبَهَ ما لو فَرَّقَهُمْ فِرْقَتَيْنِ. وقال بعضُهم: المَنْصُوصُ أنَّ صلاتَهم تَبْطُلُ بالانْتِظارِ الأوَّل؛ لأنَّه زَادَ على انْتِظارِ رسولِ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- زِيادَةً لم يَرِدِ الشَّرْعُ بها. ولَنا على الأوَّل، أنَّ الرُّخَصَ إنَّما تُتَلَقَّى من الشَّرْعِ، ولم يَرِدِ الشَّرْعُ بهذا. وعلى الثَّانى، أنَّ طُولَ الانْتِظارِ لا عِبْرَةَ به، كما لو أبْطَأتِ الثَّانِيَةُ فيما إذا فَرَّقَهم فِرْقَتَيْنِ.

٣١٦ - مسألة؛ قال: (وَإنْ كَانَتِ الصَّلَاةُ مَغْرِبًا، صَلَّى بالطَّائِفَةِ [الْأُولَى رَكْعَتَيْنِ] (١)، وأَتَمَّتْ لأنْفُسِهَا [رَكْعَةً تَقْرَأُ فيهَا] (٢) بِالحَمْد لِلهِ، ويُصَلِّى بالطَّائِفَةِ الأُخْرَى رَكْعَةً، وأتَمَّتْ لِأَنْفُسِها رَكْعَتَيْنِ، تَقْرَأُ فيهما بالحَمْد لِلهِ وسُورَةٍ)

وبهذا قال مالِكٌ، والأوْزَاعِىُّ، وسُفْيانُ، والشَّافِعِىُّ في أحَدِ قَوْلَيْه. وقال في


(١٠) في أ، م: "لائتمامها".
(١) في م: "الأخرى ركعة" خطأ.
(٢) في م: "ركعتين تقرأ فيهما".

<<  <  ج: ص:  >  >>