للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥٧٥ - مسألة؛ قال: (وَيتَقَلَّدُ بِالسَّيْفِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ)

وجُمْلَةُ ذلك أنَّ المُحْرِمَ إذا احْتاجَ إلى تَقَلُّدِ السَّيْفِ، فله ذلك. وبهذا قال مالِكٌ. وأباحَ عَطاءٌ، والشَّافِعِيُّ، وابنُ المُنْذِرِ تَقَلُّدَهُ. وكَرِهَهُ الحسنُ. والأوَّلُ أوْلَى؛ لما رَوَى أبو دَاوُدَ (١)، بإسْنَادِه عن البَرَاءِ، قال: لمَّا صَالَحَ رسولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أهْلَ الحُدَيْبِيَةِ، صَالَحَهم على أنْ لا يَدْخُلُوها إلَّا بِجُلْبَانِ السِّلَاحِ. -القِرَابُ بما فيه- وهذا ظَاهِرٌ في إباحَةِ حَمْلِه عند الحاجَةِ؛ لأنَّهم لم يكونُوا يَأْمَنُونَ أهْلَ مَكَّةَ أن يَنْقُضُوا العَهْدَ، ويَخْفِرُوا الذِّمَّةَ، واشْتَرَطُوا حَمْلَ السِّلَاحِ في قِرَابِه. فأمَّا مِن غيرِ خَوْفٍ، فإنَّ أحمدَ قال: لا، إلَّا مِن ضَرُورَةٍ. وإنَّما مَنَعَ منه؛ لأنَّ ابْنَ عمرَ قال: لا يَحْمِلُ المُحْرِمُ السِّلاحَ في الحَرَمِ. والقِياسُ إبَاحَتُه؛ لأنَّ ذلك ليس هو في مَعْنَى المَلْبُوسِ المَنْصُوصِ على تَحْرِيمِه، ولذلك لو حَمَلَ قِرْبَةً في عُنُقِه، لا يَحْرُمُ عليه ذلك، ولا فِدْيَةَ عليه فيه. وسُئِلَ أحمدُ عن المُحْرِمِ يُلْقِى جِرَابَه في رَقَبَتِه، كهَيْئَةِ القِرْبَةِ. قال: أرْجُو أن لا يكونَ به بَأْسٌ.

٥٧٦ - مسألة؛ قال: (وَإنْ طَرَحَ عَلَى كَتِفَيْهِ الْقَبَاءَ والدُّوَاجَ (١)، فَلَا يُدْخِلْ يَدَيْهِ في الكُمَّيْنِ)

ظَاهِرُ هذا اللَّفْظِ إباحَةُ لُبْسِ القَبَاءِ، ما لم يُدْخِلْ يَدَيْهِ في كُمَّيْهِ، وهو قولُ الحسنِ، وعَطاءٍ، وإبْرَاهيمَ، وبه قال أبو حنيفةَ. وقال القاضي، وأبو الخَطَّابِ: إذا أدْخَلَ كَتِفَيْهِ [في القَبَاءِ] (٢)، فعليه الفِدْيَةُ، وإن لم يُدْخِلْ يَدَيْهِ في كُمَّيْهِ. وهو مذهبُ


(١) في: باب المحرم يحمل السلاح، من كتاب المناسك. سنن أبي داود ١/ ٤٢٥.
كما أخرجه البخاري، في: باب كيف يكتب هذا. . .، وفي: باب الصلح مع المشركين. . .، من كتاب الصلح. صحيح البخاري ٣/ ٢٤١، ٢٤٢. ومسلم، في: باب صلح الحديبية. . .، من كتاب الجهاد والسير. صحيح مسلم ٣/ ١٤٠٩، ١٤١٠. وأحمد، في: المسند ٤/ ٢٩١.
(١) الدواج: معطف غليظ.
(٢) سقط من: الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>