للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مع كَفَّيْكَ، وَاجْعَلْهَا مَضْمُومَةً على أُذُنَيْكَ. وبما رَوَى الإِمامُ أحمدُ، عن أبي مَحْذُورَة، أنَّهُ كان يَضُمُّ أصابِعَهُ. والأوَّلُ أصَحُّ؛ لصِحَّةِ الحديثِ وشُهْرَتِه عندَ (١٠) أهْلِ العِلْمِ (١١)، وأيُّهما فَعَلَ فحَسَنٌ، وإنْ تَرَكَ الكُلَّ فلا بأْسَ.

فصل: ويُسْتَحَبُّ رَفْعُ الصوتِ بالأذانِ؛ ليكونَ أَبْلَغَ في إعْلَامِه، وأعْظَمَ لثَوَابِه، كما ذُكِرَ في خبرِ أبي سعيدٍ (١٢)، ولا يُجْهِدُ نَفْسَه في رَفْعِ صوتِهِ زيَادَةً على طاقَتِهِ؛ لِئَلَّا يَضُرَّ بنَفَسِه، ويَنْقَطِعَ صوتُه: فإنْ أذَّنَ لعَامَّةِ الناسِ جَهَرَ بجَمِيعِ الأذانِ، ولا يَجْهَرُ بِبَعْضٍ، ويُخَافِتُ بِبَعْضٍ؛ لئَلَّا يَفُوتَ مَقْصُودُ الأذانِ، وهو الإِعْلَامُ. وإنْ أذَّنَ لِنَفْسِهِ، أوْ لجماعةٍ خَاصَّةٍ حَاضِرِينَ، جازَ أنْ يُخافِتَ [وأنْ يَجْهرَ] (١٣)، وأنْ يُخَافِتَ بِبَعْضٍ ويجْهَرَ بِبَعْضٍ، إلَّا أَنْ يكونَ في غيرِ (١٤) وقْتِ الأذانِ. فلا يَجْهَرُ بِشىءٍ منه؛ لِئَلَّا يَغُرَّ الناسَ بأذانِه.

فصل: وينْبَغِى أنْ يُؤَذِّنَ قائمًا (١٥)، قال ابْنُ المُنْذِرِ: أجْمعَ كلُّ مَنْ أحْفَظُ عنه مِنْ أهلِ العِلْمِ، أنَّ السُّنَّةَ أنْ يُؤَذِّنَ قائِمًا. وفي حديثِ أبي قَتَادةَ، الذي روَيْنَاه، أنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال لبلَالٍ: "قُمْ فَأَذِّنْ (١٦) ". وكان مُؤَذِّنُو رسولِ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يُؤَذِّنُونَ قيَامًا. وإنْ كان له عُذْرٌ فلا بَأْسَ أنْ يُؤَذِّنَ قاعِدًا، قال الحسنُ العَبْدِىُّ: رأيتُ أبا زيدٍ صاحِبَ رسولِ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وكانت رِجْلُهُ أُصِيبَتْ في سبِيلِ اللهِ، يُؤَذِّنُ [وهو قاعدٌ] (١٧). رواهُ الأثْرَمُ (١٨). فإنْ أَذَّنَ قَاعِدًا لغيرِ عُذْرٍ فقدْ كَرِهَهُ


(١٠) في م: "وعمل".
(١١) في م زيادة: "به".
(١٢) الذي تقدم في صفحة ٥٣.
(١٣) في م: "ويجهر".
(١٤) سقط من: م.
(١٥) في م بعد هذا زيادة: "وفي حديث".
(١٦) تقدم في صفحة ٥٦.
(١٧) في م: "قاعدا".
(١٨) وأخرجه البيهقي، في: باب الأذان راكبا وجالسا، من كتاب الصلاة. السنن الكبرى ١/ ٣٩٢، قال: عن الحسن بن مهر، قال: دخلت على أبي زيد الأنصاري، فأذَّن وأقام وهو جالس، وقال: وتقدم رجل فصلى =

<<  <  ج: ص:  >  >>