للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بذلك، ويُقَدَّمُ ذلك على الميراثِ؛ لأنَّه حَقٌّ على الميِّتِ، فأشْبَهَ الدَّيْنَ؛ فإن كان على الميِّتِ دَيْنٌ يَسْتَغْرِقُ مالَه، ضَرَبَتْ بأُجْرةِ المسكنِ [مع الغُرْماءِ] (٦٤)؛ لأنَّ حَقَّها مُساوٍ لحُقُوقِ الغُرَماءِ، وتَسْتَأْجِرُ بما يُصِيبُها مَوْضِعًا تَسْكُنُه. وكذلك الحكمُ في المُطَلَّقةِ إذا حُجِرَ على الزَّوجِ قبلَ أن يُطَلِّقَها، ثم طَلَّقَها، فإنَّها تَضْرِبُ بأجرةِ المسكنِ لمُدَّةِ العِدَّةِ مع الغُرماءِ، إذا كانت حاملًا. فإن قيل: فَهلَّا قَدَّمْتُم حَقَّ الغُرَماءِ؛ لأنَّه أسْبَقُ؟ قُلنا: لأنَّ حَقَّها ثَبَتَ عليه بغيرِ اخْتيارِها، فشارَكتِ الغُرَماءَ فيه، كما لو أتْلَفَ المُفْلِسُ مالًا لإِنسانٍ أو جَنَى عليه، وان مات، وهى في مَسْكَنِه، لم يَجُزْ إخْراجُها منه؛ لأنَّ حَقَّها تعَلَّقَ بعينِ المَسْكَنِ قبلَ تعَلُّقِ حُقُوقِ الغُرَماءِ بعَيْنِه، فكان حَقُّها مُقَدَّمًا كحَقِّ المُرْتَهِنِ. وإن طلبَ الغُرماءُ بَيْعَ هذا المسكنِ، وتُتْرَكُ السُّكْنَى لها مُدَّةَ العِدَّةِ، لم يَجُزْ؛ لأنَّها إنَّما تَسْتَحِقُّ السُّكْنَى إذا كانت حاملًا، ومُدَّةُ الحَمْلِ مَجْهُولةٌ، فتَصِيرُ كما لو باعَها واسْتَثْنَى نَفْعَها مُدَّةً مجهولةً. وإن أراد الورثةُ قِسْمةَ مَسْكَنِها على وَجْهٍ يَضُرُّ بها في السُّكْنَى، لم يكُنْ لهم ذلك. وإن أرادوا التَّعْلِيمَ بخُطُوطٍ، من غَيْرِ نَقْضٍ ولا بِناءٍ، جاز؛ لأنَّه لا ضَرَرَ عليها فيه.

فصل: وإذا قُلْنا: إنها تَضرِبُ مع الغُرَماءِ بقَدْرِ مُدَّةِ عِدَّتِها. فإنَّها تَضْرِبُ بمُدَّةِ عادَتِها في وَضْعِ الحَمْلِ، إن كانتْ حاملًا، وإن كانَتْ مُطلَّقةً من ذَواتِ القُرُوءِ، وقلْنا: لها السُّكْنَى، ضَرَبَتْ بمُدَّةِ عادَتِها في القُرُوءِ، فإن لم تكُنْ لها عادةٌ، ضَرَبَتْ بغالبِ عاداتِ النِّساءِ، وهو تِسْعَةُ أشْهُرٍ للحَمْلِ، وثلاثةُ أشْهُرٍ، لكلِّ قُرْءٍ شَهْرٌ، أو بما (٦٥) بَقِىَ من ذلك، إن كان قد مَضَى من مُدَّةِ حَمْلِها شيءٌ؛ لأنَّه لا يُمْكِنُ تأخِيرُ القِسْمةِ لحَقِّ الغُرَماءِ، فإذا ضَرَبَتْ بذلك، فوافَق الصَّوابَ، ولم (٦٦) تَزِدْ ولم تَنْقُصْ،


(٦٤) سقط من: الأصل، أ، ب.
(٦٥) في ب: "وبما".
(٦٦) في م: "فلم".

<<  <  ج: ص:  >  >>