للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: وإن اخْتَلَفَا فى قَدْرِ الرَّهْنِ، فقال: رَهَنْتُكَ هذا العَبْدَ. قال: بل هو والعَبْدَ الآخَرَ. فالقولُ قولُ الرَّاهِنِ؛ لأنَّه مُنْكِرٌ. ولا نَعْلَمُ فى هذا خِلَافًا. وإن قال: رَهَنْتُكَ هذا العَبْدَ. قال: بل هذه الجَارِيَةَ. خَرَجَ العَبْدُ من الرَّهْنِ، لِاعْترَافِ المُرْتَهِنِ بأنَّه لم يَرْهَنْهُ، وحَلَفَ الرَّاهِنُ على أنه ما رَهَنَهُ الجَارِيَةَ، وخَرَجَتْ من الرَّهْنِ أيضا. وإن اخْتَلَفَا فى رَدِّ الرَّهْنِ إلى الرَّاهِنِ، فالقولُ قولُه أيضًا؛ لأنَّه مُنْكِرٌ، والأَصْلُ معَه. وكذلك الحُكْمُ فى المُسْتَأْجِرِ، إذا ادَّعَى رَدَّ العَيْنِ المُسْتَأْجَرَةِ. وقال أبو الخَطَّابِ: يَتَخَرَّجُ فيهما وَجْهٌ آخَرُ، أنَّ القولَ قولُ المُرْتَهِنِ والمُسْتَأْجِرِ فى الرَّدِّ، بنَاءً على المُضارِبِ والوَكِيلِ بِجُعْلٍ، إذا ادَّعَيَا الرَّدَّ، فإنَّ فيهما وَجْهَيْنِ، والفَرْقُ بينهما وبينَ المُرْتَهِنِ، أن المُرْتَهِنَ قَبَضَ العَيْنَ لِيَنْتَفِعَ بها، وكذلك المُسْتَأْجِرُ والوَكِيلُ، قَبَضَ العَيْنَ لِيَنْتَفِعَ بالجُعْلِ لا بِالعَيْنِ، والمُضَارِبُ قَبَضَها لِيَنْتَفِعَ بِرِبْحِها لا بِهَا. وإن اخْتَلَفَا فى تَلَفِ العَيْنِ، فالقولُ قولُ المُرْتَهِنِ مع يَمِينِه؛ لأنَّ يَدَهُ يَدُ أَمانَةٍ، ويَتَعَذَّرُ عليه إقَامَة البَيِّنَةِ على التَّلَفِ، فقُبِلَ قَوْلُه فيه، كالمُودَعِ.

فصل: فإن قال: بِعْتُكَ هذا الثَّوْبَ، على أن تَرْهَنَنِى بِثَمَنِه عَبْدَيْكَ هَذَيْنِ. قال: بل على أن أرْهَنَكَ هذا وَحْدَه. ففيها رِوَايَتَانِ، حَكاهُما القاضى؛ إحْدَاهما، يَتَحَالَفَانِ؛ لأنَّه اخْتِلَافٌ فى البَيْعِ، فهو كالاخْتِلَافِ فى الثَّمَنِ. والثانية، القولُ قولُ الرَّاهِنِ؛ لأنَّه مُنْكِرٌ لِشَرْطِ رَهْنِ العَبْدِ الذى اختَلَفَا فيه، والقولُ قولُ المُنْكِرِ. وهذا أصَحُّ.

فصل: وإن قال: أَرْسَلْتَ وَكِيلَكَ، فرَهَنَنِى عَبْدَكَ، على عِشْرِينَ قَبَضَها. قال: ما أمَرْتُه بِرَهْنِه إلَّا بِعَشَرَةٍ، ولا قَبَضْتُ إلَّا عَشَرَةً. سُئِلَ الرَّسُولُ، فإن صَدَّقَ الرَّاهِنَ، فعليه اليَمِينُ أنَّه ما رَهَنَهُ إلَّا بِعَشَرَةٍ، ولا قَبَضَ إلَّا عَشَرَةً، ولا يَمِينَ على الرَّاهِنِ؛ لأنَّ الدَّعْوَى على غيرِه، فإذا حَلَفَ الوَكيِلُ بَرِئَا جَمِيعا، وإن نَكَلَ، فعلَيْه العَشَرَةُ المُخْتَلَفُ فيها، ولا يَرْجِعُ بها على أحَدٍ؛ لأنَّه يُصَدِّقُ الراهِنَ فى أنَّه ما أخَذَها، ولا أمَرَهُ بأَخْذِها، وإنَّما المُرْتَهِن ظَلَمَهُ. وإن صَدَّق الوَكِيلُ المُرْتَهِنَ، وادَّعَى أنَّه

<<  <  ج: ص:  >  >>