للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بإرسالِها. ولَنا، قولُ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "العَجْمَاءُ جَرْحُها جُبَارٌ". مُتَّفَقٌ عليه. أي هَدْرٌ. وأما الآية، فإنَّ النَّفْشَ هو الرَّعْىُ بالليلِ، فكان (١٠) هذا في الْحَرْثِ الذي تُفْسِدُه البهائِمُ طَبْعًا بالرَّعْىِ، وتدعُوها نفسُها إلى أكلِه، بخلافِ غيرِه، فلا يَصِحُّ قياسُ غيرِه عليه.

فصل: ومن اقْتنَى كلبًا عَقُورًا، فأطلقَه، فعقَرَ إنسانًا، أو دابّةً، ليلًا أو نهارًا، أو خرَّقَ ثوبَ إنسانٍ، فعلى صاحبِه ضَمَانُ ما أتْلَفَه؛ لأنَّه مُفَرِّطٌ باقْتنائِه، إلَّا أن يَدْخُلَ إنسانٌ دارَه بغيرِ إذنِه، فلا ضَمانَ فيه؛ لأنَّه مُتَعَدٍّ بالدُّخُولِ، مُتَسَبِّبٌ بعُدْوانِه إلى عَقْرِ الكَلْبِ له. وإن دَخَلَ بإذنِ المالِكِ، فعليه ضَمَانُه (١١)؛ لأنَّه تَسَبَّبَ إلى إتْلافِه. وإن أتلفَ الكَلْبُ بغيرِ العَقْرِ، مثل أن وَلَغَ في إناءِ إنسانٍ، أو بال، لم يَضْمَنْه مُقْتَنِيه؛ لأنَّ هذا لا يَخْتَصُّ به الكَلْبُ العَقُورُ. قال القاضي: وإن اقْتَنَى سِنَّوْرًا يأكْلُ أفْراخَ (١٢) النَّاسِ، ضَمِنَ ما أتْلفَه، كما يَضْمَنُ ما أتلفَه الكلبُ العَقُورُ، ولا فرقَ بينَ الليلِ والنَّهارِ. وإن لم يكُنْ له عادةٌ بذلك، لم يَضْمَنْ صاحِبُه جِنَايَتَه، كالكلبِ إذا لم يكُنْ عَقَورًا. ولو أنَّ الكَلْبَ العَقُورَ أو السِّنَّوْرَ حَصَلَ عندَ إنسانٍ، من غيرِ اقْتِنَائِه ولا اختيارهِ، فأفْسَدَ، لم يَضْمَنْه؛ لأنَّه لم يَحْصُلِ الإِتْلافُ بِسَبَبِه.

فصل (١٣): وإن اقْتَنَى حَمَامًا أو غيرَه من الطَّيرِ، فأرسلَه نَهارًا، فَلَقَطَ حَبًّا، لم يَضْمَنْه؛ لأنَّه كالبَهِيمةِ، والعادَةُ إرْسالُه.

١٦١٣ - مسألة؛ قال: (وَمَا جَنَتِ الدَّابَّةُ بِيَدِهَا، ضَمِنَ رَاكِبُها مَا أَصَابَتْ مِنْ نَفْسٍ، أَوْ جُرْحٍ، أَوْ مَالٍ، وكَذلِكَ إنْ قَادَهَا أوْ سَاقَهَا)

وهذا قولُ شُرَيْحٍ، وأبى حَنِيفَةَ، والشَّافِعِىِّ. وقال مالِكٌ: لا ضَمانَ عليه؛ لقولِ


(١٠) في الأصل: "وكان".
(١١) في ب، م: "ضمان".
(١٢) في الأصل: "فراخ".
(١٣) سقط الفصل كله من: ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>