للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المُتْعَةِ والقِرَانِ، إن أُذِنَ له فى ذلك، على المُسْتَنِيبِ؛ لأنَّه أذِنَ فى سَبَبِهما، وإن لم يُؤْذَنْ له، فعليه؛ لأنَّه كجِنَايَتِه، ودَمُ الإِحْصارِ على المُسْتَنِيبِ؛ لأنَّه للتَّخَلُّصِ (١٨) من مَشَقَّةِ السَّفَرِ، فهو كنَفَقَةِ الرُّجُوعِ. وإن أَفْسَدَ حَجَّهُ، فالقَضاءُ عليه، ويَرُدُّ ما أَخَذَ؛ لأنَّ الحَجَّةَ لم تُجْزِئ عن المُسْتَنِيبِ؛ لِتَفْرِيطِه وجِنَايَتِه. وكذلك إن فَاتَهُ الحَجُّ بِتَفْرِيطِه. وإن فاتَ بغيرِ تَفْرِيطٍ، احْتُسِبَ له بالنَّفَقَةِ؛ لأنَّه لم يَفُتْ بِفِعْلِه، فلم يكُنْ مُخَالِفًا، كما لو ماتَ. وإن قُلْنا بِوُجُوبِ القَضَاءِ، فهو عليه فى نَفْسِه، كما لو دَخَلَ فى حَجٍّ ظَنَّ أنَّه عليه، ولم يكنْ، ففَاتَهُ.

فصل: وإذا سَلَكَ النَّائِبُ طَرِيقًا يُمْكِنُه سُلُوكُ أقْرَبَ منه، ففَاضِلُ النَّفَقَةِ فى مَالِه. وإن تَعَجَّلَ عَجَلَةً يُمْكِنُه تَرْكُها، فكذلك. وإن أقَامَ بمَكَّةَ أكْثَرَ من مُدَّةِ القَصْرِ، بعدَ إمْكَانِ السَّفَرِ لِلرُّجُوعِ، أَنْفَقَ من مالِ نَفْسِه؛ لأنَّه غيرُ مَأْذُونٍ له فيه. فأمَّا منَ لا يُمْكِنُه الخُرُوجُ قبلَ ذلك، فله النَّفَقَةُ؛ لأنَّه مَأْذُونٌ له فيه، وله نَفَقَةُ الرُّجُوعِ، وإن أقَامَ بمَكَّةَ سِنِينَ ما لم يَتَّخِذْها دَارًا، فإن اتَّخَذَها دَارًا، ولو سَاعَةً، لم يكنْ له نَفَقَةُ رُجُوعِه؛ لأنَّه صَارَ بِنِيِّةِ الإِقَامَةِ مَكِّيًّا، فسَقَطَتْ نَفَقَتُه، فلم تُعَدَّ. وإن مَرِضَ فى الطَّرِيقِ، فعَاد، فله نَفقَةُ رُجُوعِه؛ لأنَّه لا بُدَّ له منه، حَصَلَ بغيرِ تَفْرِيطِه، فأَشْبَهَ ما لو قُطِعَ عليه الطَّرِيقُ [أو أُحْصِرَ] (١٩). وإن قال: خِفْتُ أن أمْرَضَ فرَجَعْتُ. فعليه الضَّمَانُ؛ لأنَّه مُتَوَهِّمٌ. وعن أحمدَ، فى مَنْ مَرِضَ فى الكُوفَةِ، فرَجَعَ، يَرُدُّ ما أخَذَ. وفى جَمِيعِ ذلك إذا أَذِنَ له فى النَّفَقَةِ، فله ذلك؛ لأنَّ المالَ لِلْمُسْتَنِيبِ، فجَازَ ما أذِنَ فيه. وإن شَرَطَ أحَدُهما أنَّ الدِّمَاءَ الوَاجِبَةَ عليه على غيرِه، لم يَصِحَّ الشَّرْطُ؛ لأنَّ ذلك مِن مُوجِبَاتِ فِعْلِه، أو الحَجِّ الوَاجِبِ عليه، فلم يَجُزْ شَرْطُه على غيرِه، كما لو شَرَطَه على أجْنَبِىٍّ.


(١٨) فى م: "التخلص".
(١٩) سقط من: أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>