للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَامِلَيْنِ} (١٥). وقال سبحانه: {وَفِصَالُهُ فِى عَامَيْنِ} (١٦). وقال تعالى: {وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا} (١٧). ولم يُبَيِّنْ مُدَّةَ الحَمْلِ ههُنا والفِصالِ، فحُمِلَ على ما فسَّرَتْه الآيةُ الأُخْرَى وجُعِلَ الفصالُ عامَيْن، والحمْلُ ستَّةَ أشْهُرٍ، وقال النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَا رَضَاعَ بَعْدَ فِصَالٍ" (١٨). يعنى بعدَ العامَيْنِ، فيُحْمَلُ المُطلَقُ مِن كلامِ الآدَمِىِّ على ذلك أيضًا، ولا يَحتاجُ إلى وَصْفِ الرَّضاعَ؛ لأنَّ جِنْسَه كافٍ، كما لو ذكَرَ جنْسَ الخِياطَةِ فى الإِجارةِ، فإن ماتتِ المُرْضِعَةُ، أو جَفَّ لبنُها، فعليها أجرُ المِثْلِ لما بَقِىَ مِنَ المُدَّةِ. وإن ماتَ الصَّبِىُّ فكذلك. وقال الشَّافعىُّ، فى أحَدِ قَوْليه: لا يَنْفَسِخُ، وأْتيها بصَبِىٍّ تُرْضعُه مكانَه؛ لأنَّ الصَّبِىَّ مُسْتَوْفًى به، لا مَعْقُودٌ (١٩) عليه، فأشْبَهَ ما لو اسْتأْجَرَ دابَّةً ليركبَها فماتَ. ولَنا، أنَّه عَقْدٌ على فِعْلٍ فى عَيْنٍ، فينْفسِخُ بتَلَفِها، كما لو ماتتِ الدَّابَّةُ المُسْتأجَرةُ، ولأنَّ ما يَسْتوفِيه مِنَ اللبنِ إنَّما يَتقدَّرُ بحاجةِ الصَّبِىِّ، وحاجاتُ الصِّبْيانِ تَختلفُ ولا تَنضبطُ، فلم يَجُزْ أن يقومَ غيرُه مَقامَه، كما لو أرادَ إبْدالَه فى حياتِه، ولأنَّه لا يَجوزُ إبدالُه فى حياتِه، فلم يَجُزْ بعدَ مَوْتِه، كالمُرْضِعةِ، بخلافِ راكبِ الدَّابَّةِ. وإن وُجِدَ أحدُ هذه الأمورِ قبلَ مُضِىِّ شىءٍ من المدَّةِ، فعليها أجرُ رَضاعِ مثلِه. وعن مالكٍ كقولِنا، وعنه: لا يرجعُ بشىءٍ. وعن الشَّافعىِّ كقَوْلنا، وعنه: يرجعُ بالمهرِ. ولَنا، أنَّه عِوَضٌ مُعيَّنٌ تَلِفَ قبلَ قَبْضِه، فوجبتْ (٢٠) قيمتُه أو مِثْلُه (٢١)، كما لو خالعَها على قَفِيزٍ، فهلكَ قبلَ قَبْضِه.

فصل: وإن خالعَها على كَفالةِ ولدِه عشرَ سنينَ، صحَّ، وإن لم يذكُرْ مُدَّةَ الرَّضاعِ


(١٥) سورة البقرة ٢٣٣.
(١٦) سورة لقمان ١٤.
(١٧) سورة الأحقاف ١٥.
(١٨) تقدم تخريجه فى: ٩/ ٢٩٦.
(١٩) فى النسخ: "معقودا".
(٢٠) فى الأصل: "فوجب".
(٢١) فى ب، م: "مثلها".

<<  <  ج: ص:  >  >>