للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بأنَّهم لا يَسْتحقُّونَ أكثرَ من ثَلاثةِ أرْباعِ الوَقْفِ، فلا يجوزُ لهم أخْذُ أكثرَ من ذلك. وإن مات الصَّغيرُ قبلَ بُلوغِه، قامَ وارثُه مَقامَه، فيما ذكرْنا. وإن ماتَ أحدُ البَنِينَ البالغِينَ قبلَ بُلوغِ الصَّغيرِ، وُقِفَ أيضًا نَصِيبُه ممَّا كان لعمِّه الميِّتِ، وكان الحكمُ فيه، كالحُكْمِ (٢٦) فى نَصِيبِه الأصْلِىِّ. وقال القاضى: إن بلغ فامْتنَعَ من اليَمِينِ، فالرُّبعُ مَوقوفٌ إلى حينِ مَوْتِ الثالثِ، ويُقْسَمُ عليه (٢٧) بين البالِغِينَ ووَرثَةِ الميِّتِ؛ لأنَّه كان بين الثَّلاثةِ، ونَصِيبُه [من الميِّتِ] (٢٨) للبالغَيْن الحَيَّيْنِ خاصَّةً؛ لأنَّهما مُسْتحِقَّا الوَقْفِ.

١٩١٢ - مسألة؛ قال: (وَمَنِ ادَّعَى دَعْوَى، وَذَكَرَ أَنَّ بَيِّنتَهُ بالْبُعدِ مِنهُ، فَحَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، ثُمَّ أَحْضَرَ الْمُدَّعِى بَيِّنَتَهُ، حُكِمَ بهَا، وَلَمْ تكُنِ الْيَمِينُ مُزِيلَةً لِلْحَقِّ)

وجملتُه أَنَّ المُدَّعِىَ إذا ذكرَ أَنَّ بيِّنتَه بعَيدةٌ منه، أو لا يُمْكِنُه إحْضارُها، [أو لا] (١) يُرِيدُ إقامَتَها، فطلبَ اليَمِينَ مِن المُدَّعَى عليه، أُحْلِفَ له، فإذا حلَفَ، ثم أحْضَرَ المُدَّعِى بَيِّنَةً، حُكِمَ له. وبهذا قال شُرَيْحٌ، والشَّعْبىُّ، ومَالِكٌ، والثَّوْرِىُّ، واللَّيْثُ، والشَّافعىُّ، وأبو حنيفةَ، وأبو يوسُفَ، وإسحاقُ. وحُكِىَ عن ابنِ أبى ليلَى، وداودَ، أَنَّ بَيِّنَتَه لا تُسْمَعُ؛ لأنَّ اليَمِينَ حُجَّةُ المُدَّعى عليه، فلا تُسْمَعُ بعدَها حُجَّةُ المُدَّعِى، كما لا تُسْمَعُ يَمِينُ المُدَّعَى عليه بعدَ بَيِّنَةِ المُدَّعِى. ولَنا، قولُ عمرَ، رضىَ اللَّهُ عنه: الْبَيِّنَةُ الصَّادِقةُ، أحبُّ إلىَّ من اليَمِينِ الفاجرَةِ (٢). وظاهرُ هذه البَيِّنَةِ الصِّدْقُ، ويَلْزَمُ مِن صِدْقِها فُجورُ اليَمِينِ المتقدِّمةِ، فتكونُ أَوْلَى، ولأنَّ كلَّ حالةٍ يَجِبُ عليه الحقُّ فيها بإقْرارِه، يَجِبُ عليه بالْبَيِّنَةِ، كما قبلَ اليَمِينِ، ومأ ذكَراهُ (٣) لا يَصحُّ؛ لأنَّ البَيِّنَةَ الأصلُ، واليَمِينَ بَدلٌ عنها.


(٢٦) سقط من: الأصل.
(٢٧) سقط من: أ، م.
(٢٨) سقط من: أ.
(١) فى ب: "ولا".
(٢) ذكره وكيع، عن شريح وليس عن عمر، فى أخبار القضاء ٢/ ٣٤٢.
(٣) فى ب: "ذكرناه". وفى م: "ذكروه".

<<  <  ج: ص:  >  >>