للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: إحْدَاكُنَّ طالِقٌ. ولأنَّه إزالَةُ أحدِ المِلْكَيْنِ المَبْنِيَّيْنِ على التَّغْلِيبِ والسِّرَايَةِ، أشْبَهَ العِتْقَ. والصَّحيحُ إنْ شاءَ اللَّهُ، أَنَّ القُرْعةَ لا تَدخلُ ههُنا، لما قدَّمْنَا، وفارَقَ ما قاسُوا عليه، فإنَّ الحقَّ لم يَثْبُتْ لواحدٍ بعَيْنِه، فجعلَ الشَّرْعُ القُرْعةَ مُعَيِّنَةً، فإنَّها تَصْلُحُ للتَّعْيينِ، وفى مسْألتِنا؛ الطَّلاقُ واقعٌ فى مُعَيَّنَةٍ لا مَحَالَةَ، والقُرْعةُ لا تَرْفَعُه عنها، ولا تُوقِعُه على غيرِها، ولا يُؤْمَنُ (١٥) وقوعُ القُرْعةِ على غيرِها، واحْتمالُ وُقوعِ القُرْعةِ على غيرِها، كاحْتمالِ وُقوعِها عليها، بل هو أظْهرُ فى غيرِها؛ فإنَّهُنَّ إذا كُنَّ أرْبعًا، فاحْتمالُ وُقوعِه فى (١٦) واحدة مِنهنَّ بعَيْنِها، أنْدَرُ من احْتمالِ وُقوعِه فى واحدةٍ مِن ثلاثٍ، ولذلك لو اشْتَبَهَتْ أُختُه بأجْنَبِيَّةٍ، أو مَيْتَةٌ بِمُذَكَّاةٍ، أو زوجتُه بأجْنَبِيّةٍ، أو حَلَفَ بالطَّلاقِ لا يَأْكُلُ تَمْرَةً، فوقَعَتْ فى تَمْرٍ، وأشْباهُ ذلك ممَّا يَطولُ ذِكْرُه، لا تَدْخُلُه قُرعةٌ، فكذا ههُنا. وأمَّا حديث عَلىٍّ، فهو فى الميراثِ، لا فى الحِلِّ، وما (١٧) نَعْلَمُ بالقولِ بها فى الحِلِّ مِن الصَّحابةِ قائلًا.

فصل: فعلى قولِ أصْحابِنا، إذا ذَكَرَ أَنَّ المُطَلَّقَةَ غيرُ التى وقَعَتْ عليها القُرْعةُ، فقد تَبَيَّنَ أنَّها كانت مُحَرمَة عليه، ويَكونُ وُقوعُ الطَّلاقِ مِن حِينَ طَلَّقَ، لا من حينَ ذَكَرَ. وقولُه فى هذا مقبولٌ؛ لأنَّه يُقِرُّ على نفسِه، وتُرَدُّ إليه التى خَرَجَتْ عليها القُرْعةُ؛ لأنَّنا تَبَيَّنَّا أنَّها غيرُ مُطَلَّقَةٍ، والقُرْعةُ ليست بطلاقٍ، لا صَرِيحٍ ولا كِنَايةٍ، فإنْ لم تَكُنْ تَزَوَّجَتْ، رُدَّت إليه، وقُبِلَ قولُه فى هذا؛ لأنَّه أمْرٌ مِن جِهَتِه، لا يُعْرَفُ إلَّا مِنْ قِبَلِه، إلَّا أَنْ تَكُونَ قد تَزَوّجَت، أو يَكُونَ بحُكْمِ حاكمٍ؛ لأنَّها إذا تَزَوّجَتْ تَعَلَّقَ بها حقُّ الزَّوجِ الثَّانى، فلا يُقْبَلُ قولُه فى فَسْخِ نكاجه، والقُرْعةُ من جِهَةِ الحاكمِ بالفُرْقَةِ لا يُمْكِنُ الزَّوجُ رَفْعَها، فتَقَعُ الفُرْقةُ بالزَّوْجَيْنِ. قال أحمدُ، فى روايةِ المَيْمُونِىِّ: إذا كانَ له أربعُ نِسْوةٍ، فطَلَّقَ واحدةً مِنهُنّ، ولم يَدْرِ أيَّتَهُنَّ طَلَّقَ، يُقرِعُ بينَهُنَّ، فإن أقْرَعَ بينَهُنَّ، فوَقَعَتِ القُرْعةُ على


(١٥) فى أ، ب زيادة: "من".
(١٦) سقط من: الأصل، أ، م.
(١٧) فى ب: "ولا".

<<  <  ج: ص:  >  >>