للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

به؛ لأنَّه نَكِرةٌ فى إثْباتٍ، وإنّما هو عامٌّ فى نَفْى ما لا تجوزُ المسابَقَةُ به (١٠)، لكونِه نكرةً فى سياقِ النَّفْى، ثم لو كان عامًّا، لَحُمِلَ على ما عُهِدَت المسابقةُ عليه، وورَدَ (١١) الشَّرْعُ بالحَثِّ على تعَلُّمِه، وهو ما ذَكَرْناه.

١٧٧٥ - مسألة؛ قال: (وَإِذَا أَرَادَا أَنْ يَسْتَبقَا، أخرَجَ أحَدُهُمَا، ولَمْ يُخرِجِ الآخَرُ، فَإِنْ سَبَقَ مَنْ أخْرَجَ، أحْرَزَ سَبْقَهُ، ولَمْ يأْخُذْ مِنَ الْمَسْبُوقِ شَيْئًا، وإِنْ سَبَقَ مَنْ لَمْ يُخْرِجْ، أحْرَزَ سَبْقَ صَاحِبِهِ)

وجُمْلتُه أَنَّ المُسابَقَةَ إذا كانت بينَ اثْنَيْنِ أو حِزْبَيْنِ، لم تَخْلُ إمّا أَنْ يكونَ العِوَضُ منهما، أو من غيرِهما، [فإن كان مِن غيرِهما] (١) نَظَرْتَ، فإنْ كان من الإِمامِ جازَ، سواءٌ كان من مالِه، أو من بيت المالِ؛ لأنَّ فى ذلك مَصْلَحَةً وحَثًّا على تَعَلُّمِ الجهادِ، ونَفْعًا للمسلمين. وإن كان من (٢) غيرِ إمامٍ، جازَ له بَذْلُ العِوَض من مالِه. وبهذا قال أبو حنيفةَ، والشافِعِىُّ. وقال مالِكٌ: لا يجوزُ بَذْل العِوَض من غيرِ الإِمامِ؛ لأنَّ هذا ممَّا يُحْتاجُ إليه للجهادِ، فاخْتُصَّ به الإِمامُ، كتَوْلِيَةِ (٣) الولاياتِ وتَأْميرِ الأُمَراءِ. ولَنا، أنَّه بذْلٌ لمالِه فيما فيه مَصْلَحَةٌ وقُرْبَةٌ، فجازَ، كما لو اشْتَرَى به خيلًا وسِلاحًا. فأمّا إنْ كان منهما، اشْتُرِطَ كَوْنُ الجُعْلِ من أحدِهما دونَ الآخَرِ، فيقولُ: إنْ سبَقْتَنِى فلَكَ عشرةٌ، وإِنْ سَبَقْتُكَ فلا شىءَ عليك. فهذا جائِزٌ. وحُكِىَ عن مالِكٍ، أنَّه لا يجوز؛ لأنَّه قِمَارٌ. ولَنا، أَنَّ أحَدَهما يَخْتَصُّ بالسَّبْقِ، فجازَ، كما لو أخرَجَه الإِمامُ. ولا يصِحُّ ما ذَكَرَه؛ لأَنَّ القِمارَ أَنْ (٤) لا يخْلُوَ كلُّ واحِدٍ منهما من أن يغنَمَ أو يغرَمَ، وههُنا لا خَطرَ على أحَدِهما، فلا يكونُ قِمارًا، فإذا سبقَ المُخْرِجُ أحْرَزَ سَبْقه، ولا شىءَ له على صاحِبِه، وإِنْ سَبَقَ الآخَرُ أخَذ (٥)


(١٠) فى م زيادة: "بعوض".
(١١) فى الأصل: "وورود".
(١) سقط من: م. نقل نظر.
(٢) سقط من: الأصل، م.
(٣) فى أ، ب، م: "لتولية".
(٤) لم ترد فى: الأصل.
(٥) فى ب: "أحرز".

<<  <  ج: ص:  >  >>