للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لم يكُنْ له الرَّدُّ. قال: وهو ظاهِرُ كلامِ أحمدَ، وهو قولُ بعضِ (١١) أصْحابِ الشَّافِعِيِّ؛ لأنَّ أبا هريرةَ رَوَى، أنَّ النَّبِىَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "مَن اشْتَرَى مُصَرَّاةً فهو فيها بالخِيَارِ ثَلَاثَةَ أيَّامٍ، إنْ شَاءَ أمْسَكَها، وإنْ شَاءَ رَدَّهَا، ورَدَّ معها صَاعًا من تَمْرٍ" رَواه مُسْلِمٌ (١٢). قالوا: فهذه الثلاثةُ قَدَّرَها الشَّارِعُ لِمَعْرِفَةِ التَّصْرِيَةِ فإنَّها لا تُعْرَفُ قَبل مُضِيِّها؛ لأنَّها في اليَوْمِ الأوَّلِ لَبَنُها لَبَنُ التَّصْرِيَةِ، وفي الثاني يجوزُ أنْ يكونَ لَبَنُها نَقَصَ؛ لِتَغَيُّرِ المَكانِ واخْتِلافِ العَلَفِ، وكذلك في الثالث، فإذا مَضَتِ الثلاثةُ اسْتبانَتِ التَّصْرِيَةُ، وثَبَتَ الخِيارُ على الفَوْرِ، ولا يَثْبُتُ قبل انْقِضائِها. وقال أبو الخَطَّابِ: عندى متى ثَبَتَتِ التَّصْرِيَةُ، جازَ له الرَّدُّ، قبل الثَّلاثةِ وبعدَها؛ لأنَّه تَدْلِيسٌ يُثْبِتُ الخِيارَ، فمَلَكَ الرَّدَّ به إذا تَبَيَّنه، كسائِر التَّدْلِيسِ. وهذا قولُ بعضِ المَدَنِيِّينَ. فعلَى هذا يكونُ فائِدَةُ التَّقْدِيرِ في الخَبَرِ بالثَّلاثةِ؛ لأنَّ الظَّاهِرَ أنَّه لا يَحْصُل العِلْمُ إلَّا بها، فاعْتَبَرَها لِحصُولِ العِلْمِ ظاهِرًا، فإنْ حَصَلَ العِلْمُ بها، أو لم يَحْصُلْ بها فالاعْتِبارُ به دونَها، كما في سائِر التَّدْلِيسِ. وظاهِرُ قول ابنِ أبي مُوسَى، أنَّه متى عَلِمَ التَّصْرِيَةَ، ثَبَتَ له الخِيارُ في الأيَّامِ الثَّلاثةِ إلى تَمامِها. وهذا قولُ ابن المُنْذِرِ، وأبى حامِدٍ من أصْحابِ الشَّافِعِيِّ، وحَكاه عن الشَّافِعِيِّ نَصًّا؛ لِظاهِرِ حَدِيثِ رسولِ اللَّه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فإنَّه يَقْتَضِي ثُبُوتَ الخِيارِ في الأَيامِ الثَّلاثةِ كلها. وعلى قولِ القاضِى، لا يَثْبُتُ الخِيارُ في شىءٍ منها، وإنَّما يَثْبُتُ عَقِيبَها. وقولُ أبي الخَطَّابِ يُسَوِّى بين الأَيَّامِ الثَّلَاثةِ وبين غيرِها، والعَمَلُ بالخَبَرِ أوْلَى، والقِياسُ ما قال أبو الخَطَّابِ؛ لأنَّ الحُكْمَ كذلك في العُيُوبِ، وسائِرِ التَّدْلِيسِ.

٧٤٠ - مسألة؛ قال: (وَسَواءٌ كَانَ المُشْتَرَى نَاقَةً أوْ بَقَرَةً أوْ شَاةً)

جُمْهُورُ أهْلِ العِلْمِ، على أنَّه لا فَرْقَ في التَّصْرِيَةِ بين الشَّاةِ والنَّاقَةِ والبَقَرَةِ، وشَدَّ


(١١) سقط من: م.
(١٢) تقدم تخريجه في صفحة ٢١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>