للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القياسُ يَقْتَضِى أن تَكونَ حيِضةً ونِصْفًا، كما كان حَدُّها على النِّصْف من حَدِّ الحُرّةِ، إلَّا أَنَّ الحَيْضَ لا يَتَبَعَّضُ، فكَمَلَ حَيْضَتَيْنِ، ولهذا قال عمرُ، رَضِىَ اللَّهُ عنه: لو أسْتَطِيعُ أن أجْعَلَ العِدَّةَ حَيْضةً ونِصْفًا لَفَعَلْتُ. فإذا تَقَرّرَ هذا، فانْقِضاءُ عِدّتِها بالغُسْلِ من الحَيْضةِ الثانيةِ، فى إحْدَى الرِّوايتَيْنِ، وفى الأُخْرَى، بانقطاعِ الدَّمِ من الحَيْضةِ الثانية. وعلى الرِّوايةِ التى تقولُ: إن القُرُوءَ الأطْهارُ. فانْقِضاءُ عِدَّتِها برُؤْيةِ الدَّمِ من الحَيْضةِ الثانية.

١٣٤٢ - مسألة؛ قال: (وَإِنْ كَانَتْ مِنَ الْآيِسَاتِ، أَوْ مِمَّنْ لَمْ يَحِضْنَ، فَعِدَّتُهَا ثَلَاثةُ أَشْهُرٍ)

أجْمعَ أهلُ العلم على هذا؛ لأنَّ اللَّه تعالى ذكَرَه فى كتابِه بقولهِ سبحانه: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِى لَمْ يَحِضْنَ} (١). فإن كان الطَّلاقُ فى أوَّلِ الهِلالِ، اعْتُبِرَ ثَلاثةُ أشْهُرٍ بالأَهِلَّةِ؛ لقولِ اللَّه تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ} (٢). وقال سُبْحانه: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِى كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ} (٣). ولم يخْتلِف النَّاسُ فى أنَّ الأَشْهُرَ الحُرُمَ (٤) مُعْتَبرةٌ بالأَهِلَّةِ. وإن وَقَعَ الطَّلاقُ فى أثناءِ شَهْرٍ (٥) اعْتَدّتْ بَقِيتَّهَ، ثم اعْتَدَّتْ شَهْرَيْنِ بالأهِلَّةِ، ثم اعْتدَّتْ من الشَّهْرِ الثالثِ تمامَ ثلاِثينَ يومًا. وهذا مذهبُ مالكٍ، والشافعىِّ، وأبى حنيفةَ، تَحْتَسِبُ بَقِيَّةَ الأوَّلِ، وتَعْتَدُّ مِن الرَّابع بقَدْرِ ما فاتَها من الأوَّلِ، تامًّا كان أو ناقِصًا؛ لأنَّه لو كان من أوَّلِ الهِلَالِ، كانت العِدَّةُ بالأَهِلَّةِ، فإذا كان من بعضِ الشَّهْرِ، وَجَبَ قَضاءُ ما فاتَ منه.


(١) سورة الطلاق ٤.
(٢) سورة البقرة ١٨٩.
(٣) سورة التوبة ٣٦.
(٤) فى م: "الحرام".
(٥) فى م: "الشهر".

<<  <  ج: ص:  >  >>