للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

له بالإِرْثِ، هل يَصِحُّ البيعُ؟ فيه وَجْهان. كذا ههُنا. ومذهبُ الشافعىِّ مثلُ هذا. ولَنا، أنَّها تزوَّجَتْ فى مُدَّةٍ مَنَعَها الشرعُ من (٩٢) النكاحِ فيها، فلم يَصِحَّ، كما لو تزوَّجَتِ الْمُعتدَّةُ فى عِدَّتِها، أو المُرْتَابةُ (٩٣) قبلَ زَوالِ رِيبَتِها.

فصل: ويُقَسَّمُ مالُ المَفْقُودِ فى الوقتِ الذى تُؤْمَرُ زَوْجَتُه بعِدَّةِ الوفاةِ فيه. وبهذا قال قَتادةُ. وقال الشافعىُّ، ومالكٌ، وأصْحابُ الرَّأْىِ، وابنُ المُنْذِرِ: لا يُقَسَّمُ مالُه حتى تُعْلَمَ وفاتُه؛ لأنَّ الأصلَ البقاءُ، فلا يزولُ عنه (٩٤) بالشكِّ، وإنَّما صِرْنا إلى إباحةِ التَّزْويجِ لِامْرَأتِه، لإِجْماعِ الصَّحابةِ، ولأنَّ بالمرأةِ حاجةً إلى النِّكاحِ، وضَرَرًا فى الانتظارِ، فاخْتَصَّ ذلك بها. ولَنا، أنَّ من اعتدَّتْ زوْجَتُه للوَفاةِ قُسِّمَ مالُه، كمَن قامتِ البيِّنةُ بمَوْتِه، وما أجْمَعَ عليه الصحابةُ يُقاسُ عليه ما كان فى مَعْناه، وتأخِيرُ القِسْمةِ ضَرَرٌ بالورثةِ، وتعطيلٌ لمنافِعِ المالِ، وربَّما تَلِفَ أو قَلَّتْ قِيمَتُه، فهو فى معنى الضَّرَرِ بتأْخِيرِ التَّزْويجِ.

فصل: وإن تَصَرَّفَ الزَّوجُ المَفْقودُ فى زَوْجَتِه، بطلاقٍ، أو ظِهارٍ، أو إيلاءٍ، أو قَذْفٍ، صَحَّ تَصَرُّفُه؛ لأنَّ نِكاحَه باقٍ، ولهذا خُيِّرَ فى أخْذِها، وإنَّما حَكَمْنا بإباحةِ تَزْوِيجِها؛ لأنَّ الظَّاهِرَ مَوْتُه، فلا يَبْطُلُ فى الباطنِ، كما لو شَهِدَتْ بمَوْتِه بَيِّنةٌ كاذِبةٌ.

فصل: وإذا فَقَدتِ الأمَةُ زَوْجَها، ترَبَّصَتْ أَرْبَعَ سِنِينَ، ثم اعْتدَّتْ للوفاةِ شَهْرَينِ وخَمْسةَ أيَّامٍ. وهذا اختيارُ أبي بكرٍ. وقال القاضى: تترَبَّصُ نِصْفَ تَرَبُّصِ الحُرَّةِ. وروَاه أبو طالبٍ عن أحمدَ. وهو قولُ الأوْزَاعىِّ واللَّيْثِ؛ لأنَّها مُدَّةٌ مَضْروبةٌ للمرأةِ لِعَدَمِ زوجِها، فكانت الأمَةُ فيه على النِّصْفِ من الحُرَّةِ، كالعِدَّةِ. ولَنا، أنَّ الأرْبَعَ سِنِينَ مَضْروبةٌ لكَوْنِها أكثرَ مُدَّةِ الحَمْلِ، ومُدَّةُ الحَمْلِ فى الحُرَّةِ والأمةِ سَواءٌ، فاسْتَوَيا فى


(٩٢) سقط من: الأصل.
(٩٣) فى الأصل: "والمرتابة".
(٩٤) فى م: "منه".

<<  <  ج: ص:  >  >>