للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما لا تؤخذُ اليُسْرَى باليُمْنَى. ولَنا، أنَّ مَنْ جَرَى بينهما القِصاصُ في النفسِ (٤)، جَرَى (٥)، في الطَّرَفِ، كالحُرَّيْنِ، وما ذكَرُوه يَبْطُلُ بالقِصاصِ في النَّفْسِ، فإنَّ التَّكافُؤَ مُعْتَبرٌ، بدليلِ أنَّ المسلمَ لا يُقْتَلُ بمُسْتَأْمنٍ، ثم يَلْزَمُه أن يَأْخُذَ النَّاقِصةَ بالكاملةِ؛ لأنَّ المُماثلةَ قد وُجِدَتْ وزيادَةٌ، فوَجَبَ أخْذُها بها إذا رَضِيَ المُسْتَحِقُّ، كما تُؤْخَذُ ناقِصةُ الأصابعِ بكاملةِ الأصابعِ، وأمَّا اليَسارُ واليمينُ، فيَجْرِيانِ مَجْرَى النَّفْسَيْنِ (٦)، لِاختلافِ مَحَلَّيْهِما، ولهذا استوَى بَدَلُهما، فعُلِمَ أنَّها ليست ناقِصةً عنها شَرْعًا، ولا العِلَّةُ فيهما (٧) ذلك.

١٤٣٤ - مسألة؛ قال: (وَإذَا قَتَلَاهُ، وأحَدُهُمَا مُخْطِئُ، والْآخَرُ مُتَعَمِّدٌ، فَلَا قَوَدَ عَلَى وَاحدٍ مِنْهُمَا، وعَلَى الْعَامِدِ نِصْفُ الدِّيَةِ فِي مَالِهِ، وعَلَى عَاقِلَةِ المُخْطِئِ نِصْفُهَا، وعَلَيْهِ فِي مَالِهِ عِتْقُ رَقَبةٍ مُؤْمِنَةٍ)

أمَّا المُخْطِيءُ، فلا قِصاصَ عليه، للكِتَاب والسُّنَّةِ والإِجْماعِ، أمَّا الكتابُ فقولُ اللهِ تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ} (١). وقال تعالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ} (٢). وأمَّا السُّنَّةُ، فقولُ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "عُفِيَ لِأُمَّتِي عَنِ الْخَطَإِ والنِّسْيانِ" (٣). وأجْمَعَ أهلُ العلمِ على أنَّه لا قِصاصَ عليه، وأمَّا شَرِيكُه فأكْثَرُ أهلِ العلمِ لا يَرَوْنَ عليه قِصاصًا. وبه قال النَّخَعِيُّ، والشَّافِعِيُّ، وأصْحابُ الرَّأْيِ. ورُوِيَ عن أحمدَ، أنَّ عليه


(٤) سقط من: ب.
(٥) في ب زيادة: "بينهما".
(٦) في م: "النفس".
(٧) في ب: "فيها".
(١) سورة النساء ٩٢.
(٢) سورة الأحزاب ٥.
(٣) تقدم تخريجه في: ١/ ١٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>