للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التَّتابُعُ، لَزِمَتْه اللَّيالِى التى بين أيَّامِ الاعْتكِافِ، كما لو قال: مُتَتابِعَةً.

فصل: إذا نَذَرَ صيامَ أشْهُرٍ مُتَتَابِعَةٍ، فابْتدَأها من أوَّلِ شهرٍ، أَجْزَأَهُ صومُها بالأهِلَّة، بلا خلافٍ. وإن ابْتدَأها من أثْناءِ شهرٍ، كَمَّلَهُ بالعدَدِ، وباقى الأشْهرِ بالأهِلَّةِ. وهذا قولُ مالكٍ، والشافعىِّ، وإحْدَى الرِّوايتيْن عن أبى حنيفةَ. والرِّوايةُ الأُخْرَى: يُكَمِّلُ الجميعَ بالعَدَدِ. ورُوِىَ ذلك [عن أحمدَ] (٩)، وقد تقدّم تَوْجِيهُ الرِّوايتيْنِ.

١٨٦٢ - مسألة؛ قال: (وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَصُومَ شَهْرًا بِعَيْنِهِ، فَأَفْطَرَ يَوْمًا لِغَيْرِ (١) عُذْرٍ، ابْتَدَأَ شَهْرًا، وكَفَّرَ كَفَّارَةَ يَمِينٍ)

وجملتُه أنَّه إذا نَذَرَ صومَ شهرٍ مُعَيَّنٍ، فأفْطرَ فى أثْنائِه، لم يَخْلُ من حاليْن؛ أحدهما، أفْطَرَ لغيرِ عُذْرٍ، ففيه رِوايتَانِ؛ وإحْداهما، يقْطعُ صومَه، ويَلْزَمُه اسْتِئْنافُه؛ لأنَّه صَومٌ يجبُ مُتتابِعًا بالنَّذْرِ، فأبْطلَه الفِطْرُ لغيرِ عُذْرٍ، كما لو شرَطَ التَّتابُعِ، وفارَقَ رمضانَ؛ فإن تَتابُعَه بالشَّرْعِ لا بالنَّذْرِ، وههُنا أوْجبَه على نفسِه على صِفَةٍ ثم فَوَّتَها، فأشْبَهَ ما لو شرَطَه مُتتابِعًا. الثانية، لا يَلْزَمُه الاسْتئنافُ، إلا أن يكونَ قد شرَطَ التَّتابُعَ. وهذا قولُ الشافعىِّ؛ لأنَّ وُجوبَ التَّتابُعِ ضَرورةُ التَّعْيِينِ لا بالشَّرْطِ، فلم يُبْطِلُه الفِطْرُ فى أثْنائِه، كشهرِ رمضانَ، ولأنَّ الاسْتئْنافَ يجعلُ الصومَ فى الوقتِ الذى لم يُعيِّنْه، والوفاءَ بنَذْرِه فى غيرِ وقْتِه، وتَفْويتُ يومٍ واحدٍ لا يُوجِبُ تَفْويتَ غيرِه مِن الأيامِ. فعلى هذا، يُكَفِّرُ عن فِطره، ويقْضِى (٢) يومًا مكانَه بعدَ إتْمامِ صَوْمِه. وهذا أقْيَسُ، إن شاءَ اللَّهُ تعالى. وعلى الرِّوايةِ الأُولَى، يَلْزَمُه الاستْئنافُ عَقِيبَ اليومِ الذى أفْطَرَ فيه، ولا يجوزُ تأخِيرُه؛ لأنَّ باقىَ الشهرِ مَنْذورٌ، فلا (٣) يجوزُ تَرْكُ الصومِ فيه، وتَلْزَمُه كفارةٌ أيضًا؛ لإِحْلالِه بصَوْمِ هذا اليومِ الذى أفْطرَه. الحال الثانى، أفْطرَ لِعُذْرٍ، فإنَّه يَبْنِى على ما مضَى مِن صيامِه، ويَقْضِى


(٩) سقط من: ب.
(١) فى م: "بغير".
(٢) فى م: "ويقتضى".
(٣) فى م: "ولا".

<<  <  ج: ص:  >  >>