للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاعْتِكَافِ شَيْئًا؟ قال: لا، إلَّا شيئًا ضعيفا. ولا نَعْلَمُ بين العُلَماءِ خِلافًا فى أَنَّه مَسْنُونٌ.

٥٢٦ - مسألة؛ قال أبو القاسم، رَحِمَهُ اللهُ: (وَالاعْتِكَافُ سُنَّةٌ، إلَّا أنْ يَكُونَ نَذْرًا، فَيَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهِ)

لا خِلافَ فى هذه الجُمْلَةِ بحمدِ اللَّه. قال ابنُ المُنْذِرِ: أجْمَعَ أهْلُ العِلْمِ على أنَّ الاعْتِكافَ (١) لا يَجِبُ على الناسِ فَرْضًا، إلَّا أنْ يُوجِبَ المَرْءُ على نَفْسِه الاعْتِكافَ نَذْرًا، فيَجِبُ عليه. وممَّا يَدُلُّ على أنَّه سُنَّةٌ، فِعْلُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ومُدَاوَمَتُه عليه، تَقَرُّبًا إلى اللَّه تعالى، وطَلَبًا لِثَوَابِه، واعْتِكافُ أَزْوَاجِه معه وبَعْدَه، ويَدُلُّ على أنَّه غيرُ واجِبٍ أنَّ أصْحابَه لم يَعْتَكِفُوا، ولا أمَرَهُم النَّبِىُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- به، إلَّا مَن أرَادَهُ. وقال عليه السَّلَامُ: "مَنْ أرَادَ أنْ يَعْتَكِفَ، فَلْيَعْتَكِفِ العَشْرَ الأَوَاخِرَ (٢) ". ولو كان وَاجِبًا لمَا عَلَّقَهُ بالإِرادَةِ. وأمَّا إذا نَذَرَه، فيَلْزَمُه؛ لِقَوْلِ النَّبِىِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "مَنْ نَذَرَ أنْ يُطِيعَ اللهَ فَلْيُطِعْهُ". رَوَاهُ البُخَارِيُّ (٣). وعن عمرَ، أنَّه قال: يا رسولَ اللَّه، إنِّى نَذَرْتُ أن أعْتَكِفَ لَيْلَةً فى المَسْجِدِ الحَرامِ. فقال النَّبِىُّ


(١) فى م زيادة: "سنة".
(٢) أخرجه الإِمام مالك، فى: باب ما جاء فى ليلة القدر، من كتاب الاعتكاف. بلفظ: "من اعتكف معى. . ." الموطأ ١/ ٣١٩.
(٣) فى: باب النذر فى الطاعة وما أنفقتم من نفقة، وباب النذر فيما لا يملك وفى معصية، من كتاب الأيمان. صحيح البخارى ٨/ ١٧٧.
كما أخرجه أبو داود، فى: باب ما جاء فى النذر فى المعصية، من كتاب الأيمان. سنن أبي داود ٢/ ٢٠٨. والترمذى، فى: باب من نذر أن يطيع اللَّه فليطعه، من أبواب النذور. عارضة الأحوذى ٧/ ٥. والنسائي، فى: باب النذر فى الطاعة، وباب النذر فى المعصية، من كتاب الأيمان. المجتبى ٧/ ١٦، ١٧. وابن ماجه، فى: باب النذر في المعصية، من كتاب الكفارات. سنن ابن ماجه ١/ ٦٨٧. والدارمى، فى: باب لا نذر فى معصية اللَّه، من كتاب النذور. سنن الدارمى ٢/ ١٨٤. والإِمام مالك، فى: باب ما لا يجوز من النذور فى معصية اللَّه، من كتاب النذور. الموطأ ٢/ ٤٧٦. والإِمام أحمد، فى: المسند ٦/ ٣٦، ٤١، ٢٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>