للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: فعلى هذا تجوزُ الوَصِيَّةُ بالنِّكاحِ مِنْ كلِّ ذِى وِلايةٍ، سواءٌ كان مُجْبِرًا كالأبِ، أو غيرَ مُجْبِرٍ كغيرِه، ووَصِىُّ كلِّ وَلِىٍّ يَقُومُ مَقامَه، فإن كان الوَلِىُّ له الإِجْبارُ فكذلك (٢٤) لِوَصِيِّه (٢٥). وإن كان يحتاجُ إلى إذْنِها فوَصِيُّه (٢٦) كذلك؛ لأنَّه قائِمٌ (٢٧) مَقامَه، فهو كالوَكِيلِ. وقال مالكٌ: إن عَيّنَ الأبُ الزَّوْجَ، مَلَكَ الوَصِىُّ إجبارَها، صغيرةً كانت أو كبيرةً، وإن لم يُعَيِّن الزَّوْجَ، وكانت ابْنَتُه كبيرةً، صَحّت الوَصِيّةُ، واعْتُبِرَ إذْنُها، وإن كانت صغيرةً، انْتَظَرْنا بُلُوغَها، فإذا أذِنَتْ، جاز أن يُزَوِّجَها بإذْنِها. ولَنا، أَنَّ مَنْ مَلَكَ التَّزْويجَ إذا عُيِّنَ له الزَّوْجُ، مَلَكَ مع الإِطْلاقِ، كالوَكِيلِ، ومتى زَوَّجَ وَصِىُّ (٢٨) الأبِ الصغيرةَ فبَلَغَتْ، فلا خِيارَ لها؛ لأنَّ الوَصِىَّ قائِمٌ مقامَ المُوصِى، فلم يَثْبُتْ فى تَزْوِيجه خِيارٌ، كالوَكِيلِ.

١١٠٩ - مسألة؛ قال: (وَإِذَا كَانَ الْأَقْرَبُ مِنْ عَصَبَتِهَا طِفْلًا أَوْ كَافِرًا أَوْ عَبْدًا، زَوَّجَها الْأَبْعَدُ مِنْ عَصَبَتِهَا)

وجملةُ ذلك أَنَّ الوِلايةَ لا تثبتُ لطِفْلٍ ولا عَبْدٍ ولا كافرٍ على مُسْلِمةٍ بحالٍ، فعندَ ذلك يكونُ وُجُودُهم كالعَدَمِ، فتَثْبُتُ الوِلايةُ لمَنْ هو أبْعَدُ منهم كما لو ماتُوا. وتُعْتَبرُ لثُبُوتِ الوِلايةِ لمَنْ سَمَّيْنَا سِتّةُ شُرُوطٍ؛ العَقْلُ، والحُرِّيَّةُ، والإِسلامُ، والذُّكُورِيَّةُ، والبُلُوغ، والعَدالةُ، على اختلافٍ نَذْكُرُه. فأمَّا العقلُ، فلا خِلافَ فى اعتبارِه؛ لأنَّ الوِلايةَ إنما تَثْبُتُ نَظَرًا للمُوَلَّى عليه عندَ عَجْزِه عن النَّظَرِ لنَفْسِه، ومَنْ لا عَقْلَ له لا يُمْكِنُه النَّظَرُ، ولا


(٢٤) فى الأصل: "فذلك".
(٢٥) فى أ، م: "وصية".
(٢٦) فى أ، م: "فوصيها".
(٢٧) فى م: "يقوم".
(٢٨) فى م: "وكيل".

<<  <  ج: ص:  >  >>