للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كتابُ اللِّعان

وهو مُشْتَقٌّ مِن اللَّعْنِ؛ لأنّ كُلَّ واحدٍ مِن الزَّوْجَيْنِ يَلْعنُ نَفْسَه فى الخامسةِ إنْ كان كاذبًا. وقال القاضى: سُمِّىَ بذلك لأنَّ الزَّوْجينِ لا يَنْفَكَّانِ مِن أَنْ يَكُونَ أحدُهما كاذبًا، فتَحْصُلُ اللَّعْنَةُ عليه، وهى الطَّرْدُ والإِبْعادُ. والاصلُ فيه قولُ اللَّه تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ} الآيات (١). ورَوَى سَهْلُ بنُ سَعْدٍ السّاعِدِىُّ، أنَّ عُوَيْمِرًا العَجْلَانِىَّ، أتَى رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: يا رسول اللَّه، أرَأيْتَ رَجُلًا وَجَدَ مع امرأتِه رجلًا فيَقْتُلُه (٢) فتَقْتُلُونَه، أم كيف يَفْعَلُ؟ فقال رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "قدْ أنْزَلَ اللَّهُ (٣) فِيكَ وَفِى صَاحِبَتِكَ، فَاذْهَبْ فَائْتِ بِهَا". قال سَهْلٌ: فَتَلاعَنَا، وأنا مع الناس عندَ رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فلَمّا فَرَغا، قال عُوَيمِر: كَذَبْتُ عليها يا رسولَ اللَّه إنْ أمسَكْتُها. فَطَلَّقَها ثلاثًا [قبلَ أَنْ يأمُرَه] (٤) رسولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-. مُتَّفَقٌ عليه (٥). وروَى أبو داودَ (٦)، بإسْنادِه عن ابن عباس، رَضِىَ اللَّهُ عنهما، قال: جاء هِلَالُ بن أُمَيَّةَ، وهو أحَدُ الثَّلاثةِ الذين تابَ اللَّه عليهم، فجاء مِن أرْضِه عِشاءً، فوَجَدَ عندَ أهلِه رَجُلًا، فَرَأى بعَيْنَيْهِ، وسَمِعَ بأُذُنَيْه، فلم يَهِجْهُ (٧) حتى أصْبَحَ، ثم غَدَا على رسولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: يا رسولَ اللَّه، إنِّى جئتُ أهْلِى، فوجدْتُ عندَهم رجلًا، فرأيتُ بعينى، وسمعتُ بأُذْنِى.


(١) من السادسة إلى التاسعة من سورة النور.
(٢) فى ب: "فقتله". وفى الصحيحين: "أيقتله".
(٣) لم يرد فى: ب. وفى صحيح مسلم: "قد نزل فيك".
(٤) فى م: "بحضرة".
(٥) تقدم تخريجه فى: ١٠/ ٣٣٠.
(٦) تقدم تخريجه فى: ٨/ ٣٧٣.
(٧) فى م: "يهجبه". ولم يهجه: أى لم يزعج هلال ذلك الرجل ولم ينفره.

<<  <  ج: ص:  >  >>