للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَمَاثَلا فى المَقْصُودِ وفى غيرهِ، ولا يُفْضِى إلى التَّفاضُلِ بالتَّوْزِيعِ بالقِيمَةِ؛ لِكَوْنِ الغِشِّ غيرَ مَقْصُودٍ، فكأنه لا قِيمَةَ له.

فصل: ولو دَفَعَ إليه درهمًا، فقال: أعْطِنِى بِنِصْفِ هذا الدِّرهمِ نِصْفَ درهمٍ، وبِنِصْفِه فُلُوسًا، أو حاجَةً أُخْرَى. جَازَ؛ لأنَّه اشْتَرَى نِصْفًا بِنِصْفٍ، وهما مُتَساوِيانِ، فصَحَّ، كما لو دَفَعَ إليه دِرْهَمَيْنِ، وقال: بِعْنِى بهذا الدرهمِ فُلُوسًا، وأَعْطِنِى بالآخَرِ نِصْفَيْنِ. وإن قال: أَعْطِنِى بهذا الدِّرهمِ نِصْفًا وفُلُوسًا. جازَ أيضًا؛ لأنَّ مَعْناهُ ذلك، ولأنَّ ذلك لا يُفْضِى إلى التَّفاضُلِ بالتَّوْزِيعِ بالقِيمَةِ؛ فإنَّ قِيمَةَ النِّصْفِ الذى فى الدرهمِ، كقِيمَةِ النِّصْفِ الذى مع الفُلُوسِ يَقِينًا، وقِيمَةُ الفلُوسِ، كَقِيمَةِ النِّصْفِ الآخَرِ، سواءٌ.

فصل: وما كان مُشْتَمِلًا على جِنْسَيْنِ بأصْلِ الخِلْقَةِ، كالتَّمْرِ الذى اشْتَمَلَ على النَّوَى وما عليه، والحَيَوانِ المُشْتَمِلِ على لَحْمٍ وشَحْمٍ وغيرِه، وأشْباهِ ذلك، فهذا إذا قُوبِلَ بِمِثْلِه، جازَ بَيْعُه به، ولا نَظَرَ إلى ما فيه، فإنَّ النَّبِىَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أجازَ بَيْعَ التَّمْرِ بالتَّمْرِ (٢٣)، والحَيَوَانِ بالحَيَوانِ (٢٤). وقد عَلِمَ اشْتِمالَهُما (٢٥) على ما فيهما، ولو باعَ ذلك بِنَوْعٍ غيرِ مَقْصُودٍ فيه، كَبَيْعِ التَّمْرِ الذى فيه النَّوَى بالنَّوَى، ففيه عن أحمدَ رِوَايَتانِ، قد ذَكَرْناهما فيما مَضَى، فأمَّا العسلُ قبل تَصْفِيَتِه، فقال أصْحابُنا: لا يجوزُ بَيْعُ بَعْضِه بِبَعْضٍ؛ لاشْتِمَالِه على عَسَلٍ وشَمْعٍ، وذلك بِفِعْلِ النَّحْلِ، فأشْبَهَ السَّيْفَ المُحَلَّى.

فصل: ويُحَرَّمُ الرِّبا فى دارِ الحَرْبِ، كَتَحْرِيمِه فى دارِ الإِسْلامِ. وبه قال مالِكٌ، والأوْزاعِىُّ، وأبو يوسفَ، والشَّافِعِىُّ، وإسْحاقُ. وقال أبو حنيفةَ: لا يَجْرِى الرِّبا


(٢٣) تقدم تخريجه فى صفحة ٥٤.
(٢٤) تقدم تخريجه فى صفحة ٦٥.
(٢٥) فى م: "اشتمالها".

<<  <  ج: ص:  >  >>