للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن كان ذلك فى الأَمَةِ، فهو عَيْبٌ يَثْبُتُ الفَسْخُ به، وإن كان فى غيرِها، فهو زِيادَةٌ لا يَسْتَحِقُّ به فَسْخًا، ويَحْتَمِلُ أن يَسْتَحِقَّ؛ لأنَّه قد يُرِيدُها لِسَفَرٍ، أو لِحَمْلِ شَىءٍ لا يتمَكَّنُ منه مع الحَمْلِ. وإن شَرَطَ البَيْضَ فى الدّجاجَةِ، فقد قيل: لا يَصِحُّ؛ لأنَّه لا عَلَم عليه، يُعْرَفُ به، ولم يَثْبُتْ له فى الشَّرْعِ حُكْمٌ، والأَوْلَى أنَّه يَصِحُّ؛ لأنَّه يُعْرَفُ بالعادَةِ، فأشْبَه اشْتِراطَ الشَّاةِ لَبُونًا. وإنِ اشْتَرَطَ الهَزَارَ (٣٨) أو القُمْرِىَّ مُصَوِّتًا، فقال بعض أصْحَابِنَا: لا يَصِحُّ. وبه قال أبو حنيفةَ، لأنَّ صِيَاحَ الطَّيْرِ يجوزُ أن يُوجَدَ، ويجوزُ أن لا يُوجَدَ. والأوْلَى جَوَازُه؛ لأنَّ فيه مَقْصِدًا صَحِيحًا، وهو عادَةٌ له وخِلْقَةٌ فيه (٣٩)، فأشْبَه الهَمْلَجَةَ فى الدَّابَّةِ، والصَّيْدَ فى الفَهْدِ. وإن شَرَطَ فى الحَمامِ أنه يَجِىءُ من مَسافَةٍ ذَكَرَها. فقال القاضى: لا يَصِحُّ. وهو قول أبى حنيفةَ؛ لأنَّ فيه تَعْذِيبًا لِلْحَيَوانِ، والقَصْدُ منه غيرُ صَحِيحٍ. وقال أبو الخَطَّابِ: يَصِحُّ؛ لأنَّ هذه عادَةٌ مُسْتَمِرَّةٌ، وفيها (٤٠) قَصْدٌ صَحِيحٌ (٤١) لِتَبْلِيغِ الأَخْبَارِ وحَمْلِ الكُتُبِ، فجَرَى مَجْرَى الصَّيْدِ فى الفَهْدِ، والهَمْلَجَةِ فى الدَّابَّةِ، وإن شَرَطَ فى الجارِيَة أنَّها مُغَنِّيَةٌ، لم يَصِحَّ؛ لأنَّ الغِناءَ مَذْمُومٌ فى الشَّرْعِ، فلم يَصِحَّ اشْتِراطُه، كالزِّنَى. وإن شَرَطَ فى الكَبْشِ كونَه نَطَّاحًا، وفى الدِّيكِ كونَه مُقاتِلًا، لم يَصِحَّ الشَّرْطُ؛ لأنَّه مَنْهِىٌّ عنه فى الشَّرْعِ، فجَرَى مَجْرَى الغِناءِ فى الجارِيَةِ. وإن شَرَطَ فى الدِّيكِ أنَّه يُوقِظُه لِلصَّلاةِ، لم يَصِحَّ، لأنَّه لا يمكنُه الوَفاءُ به، وإن شَرَطَ كونَه يَصِيحُ فى أوْقاتٍ مَعْلُومَةٍ، جَرَى مَجْرَى اشْتِراطِ التَّصْوِيتِ فى القُمْرِىِّ، على ما ذَكَرْنَا.

فصل: ولا يَفْتَقِرُ الرَّدُّ بالعَيْبِ إلى رِضَى البائِعِ، ولا حُضُورِه، ولا حُكْمِ حاكِمٍ، قبلَ القَبْضِ ولا بَعْدَه. وبهذا قال الشَّافِعِىُّ. وقال أبو حنيفةَ: إن كان قبلَ القَبْضِ، افْتَقَرَ إلى حُضُورِ صاحِبِه دون رِضاه، وإن كان بعدَه، افْتَقَرَ إلى رِضا


(٣٨) فارسى معرب، وهو العندليب.
(٣٩) سقط من الأصل.
(٤٠) فى م: "وفيه".
(٤١) فى م: "صريح".

<<  <  ج: ص:  >  >>