للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تحتَه حُرَّةٌ، وطلاقُ الأَمَةِ اثْنَتان، وإِنْ كان زوجُها حُرًّا. ورُوِىَ عن علىٍّ، وابن مسعودٍ أَنَّ الطَّلاقَ مُعْتَبَر بالنِّساءِ، فطلاقُ الأَمَةِ اثْنَتانِ، حُرًّا كان الزَّوجُ أو عبدًا، وطلاقُ الحُرَّةِ ثلاثٌ، حُرًّا كان زوجُها أو عبدًا. وبه قال الحسنُ، وابن سِيرِينَ، وعِكْرِمَةُ، وعَبِيدةُ، ومَسْروق، والزُّهْرِىُّ، والحَكَمُ، وحَمَّاد، والثَّوْرِىُّ، وأبو حنيفةَ؛ لما رَوَتْ عائشَةُ رَضِىَ اللَّهُ عنها، عن النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، أنَّه قال: "طَلَاقُ الْأَمَةِ تَطْلِيقَتَانِ، وقُرْؤُهَا حَيْضَتَانِ". رَوَاه أبو داودَ، وابنُ ماجه (٢). ولأنَّ المرأةَ مَحَلٌّ للطَّلاقِ (٣)، فيُعْتَبَرُ بها كالعِدَّةِ. ولَنا، أَنَّ اللَّه تعالى خاطَبَ الرِّجالَ بالطّلاقِ، فكان حُكْمُه مُعْتَبَرًا بهم. ولأنَّ الطَّلاقَ خالصُ حَقِّ الزَّوجِ، وهو ممَّا يَخْتَلِفُ بالرِّقِّ والحُرِّيَّةِ، فكان اخْتلافُه به كعَدَدِ المنْكوحاتِ. وحديثُ عائشةَ، قال أبو داود: رَاوِيه (٤) مُظاهِر بن أسْلَم، وهو مُنْكَرُ الحديثِ. وقد أخْرَجه الدَّارَقُطْنِىُّ، فى "سُنَنِه" (٥)، عن عائشةَ، قالت: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "طَلَاقُ الْعَبْدِ اثْنَتَانِ، فَلَا تَحِلُّ لَهُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ، وَقُرْءُ الْأَمَةِ حَيْضَتَانِ، وتَتَزَوَّجُ الْحُرَّةُ عَلَى الْأَمَةِ، وَلَا تَتَزَوَّجُ الْأَمَةُ عَلَى الْحُرَّةِ". وهذا نَصٌّ. ولأنَّ الحُرَّ يَمْلِكُ أَنْ يَتزوَّجَ أربعًا، فمَلَكَ طلقاتٍ ثلاثًا، كما لو كان تحْتَه حُرَّةٌ، ولا خِلافَ فى أنّ الحُرَّ، الذى زَوْجتُه حُرَّة، طلاقُه ثلاثٌ، وأنَّ العبدَ، الذى تحتَه أمَةٌ، طلاقُه اثنتانِ، وإنَّما الخلافُ فيما إذا كان أحدُ الزَّوْجينِ حُرًّا والآخَرُ رَقيقًا.

فصل: قال أحمدُ: المُكاتَبُ عبدٌ ما بَقِىَ عليه دِرْهَمٌ؛ وطلاقُه وأحكامُه كلُّها أحْكامُ العَبِيدِ (٦). وهذا صحيحٌ؛ فإنَّه جاء فى الحديثِ: "المُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِىَ عَلَيْهِ


(٢) أخرجه أبو داود، فى: باب فى سنة طلاق العبد، من كتاب الطلاق. سنن أبى داود ١/ ٥٠٦. وابن ماجه، فى: باب فى طلاق الأمة وعدتها، من كتاب الطلاق. سنن ابن ماجه ١/ ٦٧٢.
كما أخرجه الترمذى، فى: باب ما جاء أن طلاق الأمة تطليقتان، من كتاب الطلاق. عارضة الأحوذى ٥/ ١٥٢. والدارمى، فى: باب فى طلاق الًامة، من كتاب الطلاق. سنن الدارمى ٢/ ١٧١.
(٣) فى الأصل، م: "الطلاق".
(٤) فى النسخ: "رواية".
(٥) فى: كتاب الطلاق والخلع والإيلاء وغيره. سنن الدارقطنى ٤/ ٣٩.
(٦) فى الأصل: "العبد".

<<  <  ج: ص:  >  >>