للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أسْقَطَ الفَرْضَ عن نَفْسِه، أو لم يُسْقِطْه، لأنَّ الطَّوَافَ لِلْمَحْمُولِ لا لِلْحَامِلِ، ولذلك صَحَّ أن يَطُوفَ رَاكِبًا على بَعِيرٍ، وتُعْتَبَرُ النِّيَّةُ في الطَّائِفِ به. فإن لم يَنْوِ الطَّوَافَ عن الصَّبِىِّ لم يُجْزِئْه؛ لأنَّه لمَّا لم تُعْتَبَرِ النِّيَّةَ من الصَّبِيِّ اعْتُبِرَتْ من غَيْرِه، كما في الإحْرَامِ. فإن نَوَى الطَّوَافَ عن نَفْسِه وعن الصَّبِىِّ احْتَمَلَ وُقوعُه عن نَفْسِه، كالحَجِّ إذا نَوَى به عن نَفْسِه وغيرِه، واحْتَمَلَ أن يَقَعَ عن الصَّبِيِّ، كما لو طَافَ بِكَبِيرٍ ونَوَى كُلُّ واحِدٍ منهما عن نَفْسِه، [لأنَّ الحامِلَ] (١٠) أوْلَى، واحْتَمَلَ أن يَلْغُوَ لِعَدَمِ التَّعْيِينِ، لِكَوْنِ الطَّوَافِ لا يَقَعُ عن غيرِ مُعَيَّنٍ. وأمَّا الإحْرَامُ فإنَّ الصَّبِىَّ يُجَرَّدُ كما يُجَرَّدُ الكَبِيرُ، وقد رُوِىَ عن عائشةَ، رَضِىَ اللَّه عنها، أنَّها كانت تُجَرِّدُ الصِّبْيانَ إذا دَنَوْا من الحَرَمِ. قال عَطَاءٌ: يُفْعَلُ بالصَّغِيرِ كما يُفْعَلُ بالكَبِيرِ (١١)، ويُشْهَدُ به المَنَاسِكُ كُلُّها إلَّا أنَّه لا يُصَلَّى عنه.

الفصلُ الثالِثُ، في مَحْظُورَاتِ الإحْرَامِ: وهى قِسْمانِ؛ ما يَخْتَلِفُ عَمْدُهُ وسَهْوُهُ، كاللّبَاسِ والطِّيبِ، وما لا يَخْتَلِفُ، كالصَّيْدِ، وحَلْقِ الشَّعْرِ، وتَقْلِيمِ الأظْفَارِ. فالأوَّلُ، لا فِدْيَةَ على الصَّبِىِّ فيه؛ لأنَّ عَمْدَهُ خَطَأٌ. والثاني، عليه فيه الفِدْيَةُ. وإن وَطِئَ أفْسَدَ حَجَّه، ويَمْضِى في فاسِدِه. وفى القَضَاءِ عليه وَجْهَانِ، أحَدُهما، لا يَجِبُ؛ لِئَلَّا تَجِبَ عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ على مَن ليس من أهْلِ التَّكْلِيفِ. والثاني، يَجِبُ؛ لأنَّه إفْسَادٌ مُوجِبٌ لِلْفِدْيةِ، فأوْجَبَ القَضاءَ، كَوَطْءِ البَالِغِ، فإن قَضَى بعد البُلُوغِ بَدَأ بحَجَّةِ الإسلامِ. فإن أحْرَمَ بالقَضاءِ قَبْلَها، انْصَرَفَ إلى حَجَّةِ الإسلامِ. وهل تُجْزِئُه عن القَضاءِ؟ يُنْظَرُ، فإن كانتِ الفاسِدَةُ قد أدْرَكَ فيها شيئا من الوُقُوفِ بعدَ بُلُوغِه، أجْزَأ عنهما جميعا، وإلَّا لم يُجْزِئْه، كما قُلْنا في العَبْدِ


(١٠) في م: "لكون المحمول".
(١١) في م: "الكبير".

<<  <  ج: ص:  >  >>