للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإِسْلامُ أو الدينُ الذى كان عليه؛ لأنَّ دِينَه الأَوَّلَ قد أقْرَرْناه عليه مَرّةً، ولم يَنْتَقِلْ إلى خيرٍ منه، فنُقِرُّه عليه إن رَجَعَ إليه، ولأنَّه مُنْتَقِلٌ من دينٍ يُقَرُّ أهْلُه عليه، إلى دينٍ لا يُقَرُّ أهْلُه عليه، فيُقْبَلُ منه الرُّجُوعُ إليه، كالمُرْتَدِّ إذا رَجَعَ إلى الإِسْلامِ. وعن أحمدَ، روايةٌ ثالثة، أنَّه يُقْبَلُ منه أحدُ ثَلاثةِ أشياء؛ الإسلامُ، أو الرجوعُ إلى دينِه الأَوَّلِ، أو دينٍ يُقَرُّ أهلهُ عليه؛ لعُمُومِ قولِه تعالى: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} (٥). وإن اْنتَقلَ إلى دينِ أهلِ الكتابِ، وقُلْنا: لا يُقَرُّ (٦). ففيه الرِّوايتان؛ إحداهما، لا يُقْبَلُ منه إلَّا الإسلامُ. والأُخْرَى، لا يقبلُ منه إِلَّا الإِسْلامُ أو الدِّينُ الذى كان عليه.

الفصل الثالث: فى صِفَةِ إجبارِه على تَرْكِ ما انتقلَ إليه. وفيه روَايتان؛ إحداهما، أنَّه يُقْتَلُ إن لم يَرْجِعْ، رَجُلًا كان أو امرأةً؛ لعُموم قوله عليه السلام: "مَنْ بَدَّلَ دِينَه فاقْتُلُوهُ". ولأنَّه ذِمِّىٌّ (٧) نَقَضَ العَهْدَ، فأشْبَهَ ما لو نَقَضَه بتَرْكِ الْتِزامِ الذِّمَّةِ. وهل يُسْتَتابُ؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْن؛ أحدهما، يُسْتتابُ؛ لأنَّه يُسْتَرْجَعُ عن دينٍ باطلٍ انتقلَ إليه، فيُسْتتابُ، كالمُرْتَدِّ. والثانى: لا يُسْتَتابُ؛ لأنَّه كافِرٌ أصْلِىٌّ أُبِيحَ قَتْلُه، فأشْبَهَ الحَرْبِىَّ. فعلى هذا إن بادَرَ وأسْلَم، أو رَجَعَ إلى ما يُقَرُّ عليه، عُصِمَ دَمُه وإلَّا قُتِلَ. والرِّواية الثانية، عن أحمدَ قال: إذا دَخَلَ اليَهُودىُّ فى النَّصْرانيَّةِ، رَدَدْتُه إلى اليَهُوديَّةِ، ولم أدَعْه فيما انتقلَ إليه، فقِيل له: أتَقْتُلُه؟ قال: لا، ولكن يُضْرَبُ ويُحْبَسُ. قال: وإن كان نَصْرانيًّا أو يَهُوديًّا، فدَخَلَ فى الْمَجُوسيَّةِ، كان أغْلَظَ؛ لأنَّه لا تُؤْكَلُ ذَبِيحَتُه، ولا تُنْكَحُ له امرأةٌ، ولا يُتْرَكُ حتَّى يُرَدَّ إليها. فقيل له: تَقْتُلُه (٨) إذا لم يَرْجِعْ؟ قال: إنَّه لأَهلُ ذلك. وهذا نصٌّ فى أَنَّ الكتابِىَّ المُنْتَقِلَ إلى دينٍ آخرَ من دينِ أهلِ الكتابِ لا يُقْتَلُ، بل يُكْرَهُ بالضَّرْبِ والحَبْسِ.


(٥) سورة التوبة ٢٩.
(٦) فى ب زيادة: "أهله".
(٧) سقط من: ب.
(٨) فى ب: "يقتل".

<<  <  ج: ص:  >  >>