للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: فإنْ جاءَ العَدُوُّ بلدًا، فلأَهْلِه التَّحَصُّنُ منهم، وإِنْ كانُوا أَكْثَرَ من نصْفِهم؛ ليَلْحَقَهم مَدَدٌ أو قُوَّةٌ، ولا يكونُ ذلك تَوَلِّيًا ولا فِرارًا، إنَّما التَّوَلِّى بعدَ اللِّقاءِ (٢٨). وإِنْ لَقُوهُم خارِجَ الحِصْنِ، فلهُم التَّحَيُّزُ إلى الحِصْنِ؛ لأنَّه بمَنْزِلَةِ التَّحَرُفِ للقتالِ، أو التَّحَيُّزِ إلى فِئَةٍ. وإِنْ غَزَوْا فذَهَبَت دَوابُّهم، فليس ذلك عُذْرًا فى الْفِرارِ؛ لأنَّ القتالَ مُمْكِنٌ للرَّجَّالَةِ. وإِنْ تَحَيَّزُوا إلى جَبل ليُقاتِلُوا فيه رَجَّالَةً، فلا بَأْسَ؛ لأنَّه تَحَرُّفٌ للقتالِ. وإِنْ ذَهَبَ سِلاحُهم، فتَحَيَّزُوا إلى مكانٍ يُمْكِنُهم القتالُ فيه بالحجارَةِ، والتستُّرُ بالشَّجَرِ ونحوِه؛ أو لهم فى التَّحَيُّزِ إليه فائِدَةٌ، جازَ.

فصل: فإنْ وَلَّى قومٌ قبلَ إحْرازِ الغَنِيمَةِ، وأَحْرَزَها الباقُون، فلا شىءَ للفارِّين؛ لأَنَّ إحْرازَها حصلَ بغيرِهم، فكان مِلْكُها لمَنْ أَحْرَزَها. وإِنْ ذَكَرُوا أنّهم فَرُّوا مُتَحَيِّزِين إلى فِئَةٍ، أو مُتَحَرِّفِينَ للقتالِ، فلا شىءَ لهم أيضًا؛ لذلك. وإِنْ فَرُّوا بعدَ إحْرازِ الغَنِيمَةِ، لم يسْقُطْ حقُّهُم منها؛ لأنَّهم ملَكُوا الغَنِيمَةَ بحِيازَتِها (٢٩)، فلم يَزُلْ مِلْكُهم عنها بفِرَارِهم.

فصل: فإذا أَلْقَى الكُفَّارُ نارًا فى سفينَةٍ فيها مسلمون، فاشْتَعَلَت فيها، فما غَلَبَ على ظَنِّهِم السَّلامةُ فيه، من بقائِهِم فى مَرْكَبِهم، أو إلْقاءِ نُفُوسِهِم فى الماءِ، فالأَوْلَى لهم فِعْلُه، وإِنْ اسْتَوَى عِنْدَهم الأمْرَانِ، فقال أحمد: كيف شاءَ يَصْنَعُ (٣٠). قال الأوْزَاعِىُّ: هما مَوْتَتان، فاخْتَرْ أَيْسَرَهما. وقال أبو الخَطَّاب: فيه رِوايةٌ أُخْرَى، أنَّهم (٣١) يلزمهم المقامُ؛ لأنَّهم إذا رَمَوْا نُفُوسَهم فى الماءِ، كان مَوْتُهم بفِعْلِهم، وإِنْ [أقامُوا فموتُهُم بفِعْل غيرِهم] (٣٢).

١٦٨٣ - مسألة؛ قال: (وَمَنْ أَجَرَ نَفْسَهُ، بَعْدَ أَنْ غَنِمُوا، عَلَى حِفْظِ الغنيمَةِ،


(٢٨) فى م: "لقاء العدو".
(٢٩) فى ب، م: "لحيازتها".
(٣٠) فى أ: "صنع".
(٣١) فى الأصل: "أنه".
(٣٢) فى الأصل، ب: "أقام فموته بفعل غيره".

<<  <  ج: ص:  >  >>