للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحمدَ أنَّه لا يَشْتَرِطُ ذلك؛ لأنَّه قال: القِراءَةُ في الخُطْبَةِ على المِنْبَرِ ليس فيها شيءٌ مُؤَقَّتٌ، ما شاءَ قَرَأ. وقال: إنْ خَطَبَ بهم وهو جُنُبٌ، ثم اغْتَسَلَ وصَلَّى بهم، فإنَّه يُجْزِئُه. والجُنُبُ مَمْنُوعٌ من قِرَاءَةِ آيةٍ. والْخِرَقِيُّ قال: قَرَأَ شَيْئًا من القُرْآنِ. ولم يُعَيِّن المَقْرُوءَ. ويَحْتَمِلُ أنْ لا يَجِبَ شيءٌ سِوَى حَمْدِ اللهِ والمَوْعِظَةِ؛ لأنَّ ذلك يُسَمَّى خُطْبَةً، ويَحْصُلُ به المَقْصُودُ، فأجْزَأَ، وما عداهُ فليس على اشْتِرَاطِه دَلِيلٌ. ولا يَجِبُ أنْ يَخْطُبَ على صِفَةِ خُطْبَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ بالاتِّفَاقِ؛ لأنَّه قد رُوِىَ أنَّه كان يَقْرَأُ آياتٍ، ولا يَجِبُ [أنْ يقْرأَ] (١٤) آياتٍ، ولكن يُسْتَحَبُّ أن يَقْرَأَ آياتٍ كذلك، ولِمَا رَوَتْ أُمُّ هِشَامٍ بنتُ حارِثَةَ بن النُّعْمَان، قالت: ما أخَذْتُ {ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ} إلَّا مِن فِى رسول اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَخْطُبُ بها في كُلِّ جُمُعَةٍ. وعن أُخْتٍ لِعَمْرَةَ كانت أَكْبَرَ منها مثلُ هذا، رَوَاهما مُسْلِمٌ (١٥)، وفي حَدِيثِ الشعْبِيِّ، أنَّ النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يَقْرَأُ سُورَةً (١٦).

فصل: يُسْتَحَبُّ أنْ يَجْلِسَ بين الخُطْبَتَيْنِ جَلْسَةً خَفِيفَةً؛ لأنَّ النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يَفْعَلُ ذلك. كما رَوَيْنا في حَدِيثِ ابنِ عمرَ، وجَابِرِ بن سَمُرَةَ (١٧). وليستْ وَاجِبَةً في قَوْلِ أكْثَرِ أهْلِ العِلْمِ. وقال الشَّافِعِيُّ: هي وَاجِبَةٌ؛ لأنَّ النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يَجْلِسُها. ولَنا، أنَّها جَلْسَةٌ ليس فيها ذِكْرٌ مَشْرُوعٌ، فلم تكنْ وَاجِبَةً كالأُولَى، وقد سَرَدَ الخُطْبَةَ جَمَاعَةٌ، منهم المُغِيرَةُ بن شُعْبَةَ، وأُبَيُّ بنُ كَعْبٍ. قالَه أحمدُ. وَرُوِىَ عن أبِي إسحاقَ، قال: رأيتُ عَلِيًّا يَخْطُبُ على المِنْبَرِ، فلم يَجْلِسْ حتى فَرَغَ. وجُلُوسُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عليه وسَلَّمَ كان للاسْتِرَاحَةِ، فلم تكنْ وَاجِبَةً،


(١٤) في أ، م: "قراءة".
(١٥) أخت عمرة هي أم هشام بنت حارثة بن النعمان راوية الحديث السابق. انظر: تهذيب التهذيب ١٢/ ٤٣٨. وتقدم تخريج الحديث في صفحة ١٦١.
(١٦) تقدم في صفحة ١٦٢.
(١٧) تقدم في صفحة ١٧١، ١٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>