للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غيرِها، وهو يَعْتَقِدُ أنَّها التى خَطَبَها، فيَقْبَلُ، فلا يَنْعَقِدُ النِّكاحُ؛ لأنَّ القَبُولَ انْصَرفَ إلى غيرِ مَنْ وُجِدَ الإِيجابُ فيه، فلم يَصِحَّ، كما لو ساوَمَه بثَوْبٍ وأوْجَبَ العَقْدَ فى غيرِه بغيرِ عِلْمِ المُشْتَرِى. فلو عَلِمَ الحالَ بعدَ ذلك، فرَضِىَ، لم يَصِحَّ. قال أحمدُ، فى رَجُلٍ خَطَبَ جارِيةً، فزَوَّجُوه أُخْتَها، ثم عَلِمَ بعدُ: يُفَرَّقُ بينهما، ويكونُ الصَّداقُ على وَلِيِّها؛ لأنَّه غَرَّه، ويُجَهِّزُ إليه أُخْتَها التى خَطَبَها بالصَّداقِ الأوَّلِ، فإن كانت تلك قد وَلَدَتْ منه، يَلْحَقُ به الوَلَدُ. وقولُه: يُجَهِّزُ إليه أخْتَها. يعنى -واللَّهُ أعلم- بعَقْدٍ جديدٍ، بعدَ انْقِضاءِ عِدَّةِ هذه إن كان أصَابَها؛ لأنَّ العَقْدَ الذى عَقَدَه لم يَصِحَّ فى واحدةٍ منهما؛ لأنَّ الإيجابَ صَدَرَ فى إحْداهما، والقبولَ فى الأُخْرَى (١)، فلم يَنْعَقِدْ فى هذه ولا فى تلك. فإن اتّفَقُوا على تجديدِ عَقْدٍ فى إحداهما أيَّتِهما كان، جازَ. وقال أحمدُ، فى رجلٍ تزَوَّجَ امرأةً، فأُدْخِلَتْ عليه أخْتُها: لها المَهْرُ بما أصابَ منها، ولأُخْتِها المَهْرُ. قيل: يَلْزَمُه مَهْران؟ قال: نعم، ويَرْجِعُ على وَلِيِّها، هذه مثل التى بها بَرَصٌ أو جُذَامٌ، علىٌّ يقول: ليس عليه غُرْمٌ. وهذا ينبغِى أن يكونَ فى امرأةٍ جاهلةٍ بالحالِ (٢) أو بالتَّحْرِيمِ، أمَّا إذا عَلِمَتْ أنَّها ليست زَوْجةً، وأنَّها مُحَرَّمةٌ عليه، وأمْكَنَتْه من نَفْسِها، فلا ينْبَغِى أن يَجِبَ لها صداقٌ؛ لأنَّها زانِيةٌ مُطاوِعَةٌ (٣). فأمَّا إن جَهِلَتِ الحالَ، فلها المَهْرُ، ويَرْجِعُ به على مَنْ غَرَّه. ورُوِىَ عن علىٍّ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، فى رَجُلَيْنِ تزَوَّجا امْرأتينِ، فزُفَّتْ كلُّ امرأةٍ إلى زَوْجِ الأُخْرَى: لهما الصَّداقُ، ويعْتَزِلُ كلُّ واحدٍ منهما امْرأتَه حتى تَنْقَضِىَ عِدَّتُها (٤). وبه قال النَّخَعِىُّ، والشافعىُّ، وإسحاقُ، وأصْحابُ الرَّأْىِ.

فصل: مِن شَرْطِ صِحَّةِ النِّكاحِ تَعْيِينُ الزَّوْجينِ؛ لأنَّ كلَّ عاقدٍ ومَعْقُودٍ عليه يَجِبُ تَعْيِينُهما، كالمُشْتَرى والمَبِيعِ، ثم يُنْظَرُ، فإن كانت المرأةُ حاضرةً، فقال: زَوَّجْتُكَ


(١) فى م: "أخرى".
(٢) فى الأصل، ب: "الحال".
(٣) فى م: "تطاوعه".
(٤) أخرجه البيهقى، فى: باب الاختلاف فى مهرها. . .، من كتاب العدد. السنن الكبرى ٧/ ٤٤١. وعبد الرزاق، فى: باب نكاحها فى عدتها، من كتاب النكاح. المصنف ٦/ ٢٠٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>