للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا، فإنَّ في أحدِها رُبْعُ الدِّيَةِ. وحُكِىَ عن الشَّعْبِىِّ، أنَّه يجبُ في الأعْلَى ثُلُثَا دِيَةِ العَيْنِ، وفى الأسْفَلِ ثُلثُها؛ لأنَّه أكثرُ نَفْعًا. ولَنا, أنَّ كُلَّ ذى عَدَدٍ تَجِبُ الدِّيَةُ في جَمِيعِه، تجبُ بالحِصَّةِ في الواحدِ منه، كاليدَيْنِ والأصابعِ، وما ذكرَه يبْطُلُ باليُمْنَى مَعَ اليُسْرَى والأصَابعِ. وإنْ قلَعَ العينَيْنِ بأشْفارِهما، وجبَتْ دِيتان؛ لأنَّهما جِنْسان تجبُ الدِّيَةُ بكلِّ واحدٍ منهما مُنْفرِدًا، فوجَبتْ بإتْلافِهما جُمْلةً دِيَتَانِ، كاليَدَيْنِ، والرِّجْلينِ. وتجبُ الدِّيَةُ في أشْفارِ عَيْنِ الأعْمَى؛ لأنَّ ذهَابَ بصَرِه عَيْبٌ في غيرِ الأجْفانِ، فلمْ يَمْنَعْ وُجوبَ الدِّيَةِ فيها، كذَهابِ الشَّمِّ، لا يَمْنَعُ (٤) وُجوبَ الدِّيَةِ في الأنْفِ.

فصل: وتجبُ في أهْدابِ العَيْنَيْنِ بِمُفْرَدِها الدِّيَةُ، وهو الشَّعَرُ الذي على الأجْفانِ، وفى كلِّ واحدٍ منها رُبْعُها. وبهذا قال أبو حنيفةَ. وقال الشَّافعىُّ: فيها (٥) حُكومةٌ. ولَنا، أنَّ فيها جَمالًا ونَفْعًا، فإنَّها تَقِى العينَيْنِ (٦)، وتَرُدُّ عنهما (٧)، وتُحسِّنُ العَيْنَ وتُجمِّلُها، فوجبَتْ فيها الدِّيَةُ كالأجْفانِ، فإن قطَعَ الأجْفانَ بأهْدابِها، لم يجبْ أكثرُ من دِيَةٍ؛ لأنَّ الشَّعَرَ يُزولُ تَبَعًا لزَوالِ الأجفانِ، فلم تُفْرَدْ بضَمانٍ، كالأصابعِ إذا قَطَعَ اليدَ وهى عليها.

١٤٨٥ - مسألة؛ قال: (وَفِى الأُذُنَيْنِ الدِّيَةُ)

رُوِىَ ذلك عن عُمرَ، وعلىٍّ. وبه قال عَطاءٌ، ومُجاهِدٌ، والحسنُ، وقَتادةُ، والثَّوْرىُّ، والأوْزاعىُّ، والشَّافعىُّ، وأصْحابُ الرَّأْىِ، ومالِكٌ في إحْدَى الرِّوايتَيْنِ عنه، وقال في الأُخْرَى: فيهما حُكومةٌ (١)؛ لأنَّ الشَّرْعَ لم يَرِدْ فيهما بتَقْديرٍ، ولا يثْبُتُ التَّقْديرُ بالقِيَاسِ. ولَنا، أنَّ في كِتابِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لعَمْرو بنِ حَزْمٍ: "وَفِى الأُذُنَيْنِ الدِّيَةُ" (٢).


(٤) في ب: "يتبع".
(٥) في ب، م: "فيه".
(٦) في الأصل، ب: "العين".
(٧) في الأصل، ب: "عنها".
(١) سقط من: م.
(٢) تقدم تخريجه، في صفحة ٥.
كما أخرجه البيهقي، في: باب الأذنين، من كتاب الديات. السنن الكبرى ٨/ ٨٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>